الخميس، 22 مايو 2014

َأَثَرٌ صَحِيحٌ فِي تَعْيِينِ الفِئَةِ البَاغِيَة، وَ اسْتِنْبَاطٌ دَقِيقٌ لِابْنِ عَبَاسِ

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد،





يقول جل و علا ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين 9 ) - [الحجرات] 

و قد سمى الله الفئة الباغية مؤمنة. و البغاة لا يُكَفِّرُون بخلاف الخوارج.


قال الطبري في تفسيره:
يقول - تعالى ذكره -: وإن طائفتان من أهل الإيمان اقتتلوا ، فأصلحوا - أيها المؤمنون - بينهما بالدعاء إلى حكم كتاب الله ، والرضا بما فيه لهما وعليهما ، وذلك هو الإصلاح بينهما بالعدل
( فإن بغت إحداهما على الأخرى ) يقول : فإن أبت إحدى هاتين الطائفتين الإجابة إلى حكم كتاب الله له وعليه ، وتعدت ما جعل الله عدلا بين خلقه ، وأجابت الأخرى منهما
( فقاتلوا التي تبغي ) يقول : فقاتلوا التي تعتدي ، وتأبى الإجابة إلى حكم الله ( حتى تفيء إلى أمر الله ) يقول : حتى ترجع إلى حكم الله الذي حكم في كتابه بين خلقه
( فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل ) يقول : فإن رجعت الباغية بعد قتالكم إياهم إلى الرضا بحكم الله في كتابه ، فأصلحوا بينها وبين الطائفة الأخرى التي قاتلتها بالعدل : يعني بالإنصاف بينهما ، وذلك حكم الله في كتابه الذي جعله عدلا بين خلقه . 

- حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) . . . إلى آخر الآية ، قال : هذا أمر من الله أمر به الولاة كهيئة ما تكون العصبة بين الناس ، وأمرهم أن يصلحوا بينهما ، فإن أبوا قاتل الفئة الباغية حتى ترجع إلى أمر الله، فإذا رجعت أصلحوا بينهما، وأخبروهم أن المؤمنين إخوة، فأصلحوا بين أخويكم قال: ولا يقاتل الفئة الباغية إلا الإمام . 

و هذا صحيح عن ابن زيد رحمه الله.

  
يقول أحمد في مسنده 6361 :
 حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ ، حَدَّثَنِي أَسْوَدُ بْنُ مَسْعُودٍ ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْعَنْزِيِّ ، قَالَ : بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي رَأْسِ عَمَّارٍ ، يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا : أَنَا قَتَلْتُهُ ،
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو : لِيَطِبْ بِهِ أَحَدُكُمَا نَفْسًا لِصَاحِبِهِ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ " ،
قَالَ مُعَاوِيَةُ : فَمَا بَالُكَ مَعَنَا ؟ !
قَالَ : إِنَّ أَبِي شَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " أَطِعْ أَبَاكَ مَا دَامَ حَيًّا وَلَا تَعْصِهِ " ، فَأَنَا مَعَكُمْ ، وَلَسْتُ أُقَاتِلُ . " اهـ

و فيه التنصيص عن الفئة الباغية.
  

و قال معمر بن راشد في جامعه 1580 :
عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ ، عَنْ زَهْدَمٍ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ يَوْمًا ، فَقَالَ :
" وَاللَّهِ لأُحَدِّثَنَّكُمْ بِحَدِيثٍ مَا هُوَ بِسِرٍّ وَلا عَلانِيَةٍ ، مَا هُوَ بِسِرٍّ فَأَكْتُمُكُمُوهُ ، وَلا عَلانِيَةٍ فَأَخْطُبُ بِهِ ، وَإِنَّهُ لَمَّا وُثِبَ عَلَى عُثْمَانَ فَقُتِلَ ، قُلْتُ لابْنِ أَبِي طَالِبٍ : اجْتَنِبْ هَذَا الأَمْرَ فَسَتُكْفَاهُ ، فَعَصَانِي ، وَمَا أُرَاهُ يَظْفَرُ ، وَايْمُ اللَّهِ لَيَظْهَرَنَّ عَلَيْكُمُ ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ ، لأَنَّ اللَّهَ قَالَ : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا) سورة الإسراء آية 33. وَايْمُ اللَّهِ لَتَسِيرَنَّ فِيكُمْ قُرَيْشٌ بِسِيرَةِ فَارِسَ وَالرُّومِ " ،
قَالَ : قُلْنَا : فَمَا تَأْمُرُنَا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنْ أَدْرَكْنَا ذَلِكَ ؟ ، قَالَ : " مَنْ أَخَذَ مِنْكُمْ بِمَا يَعْرِفُ نَجَا ، وَمَنْ تَرَكَ وَأَنْتُمْ تَارِكُونَ كَانَ كَبَعْضِ هَذِهِ الْقُرُونِ الَّتِي هَلَكَتْ " . اهـ


و هذا استنباط دقيق من ابن عباس رضوان الله عليه.
قال تعالى ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا 33 ).

يقول الطبري في تفسيره: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) وإنا والله ما نعلم بحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، إلا رجلا قتل متعمدا، فعليه القود، أو زنى بعد إحصانه فعليه الرجم، أو كفر بعد إسلامه فعليه القتل.

وقوله ( ومن قتل مظلوما ) يقول: ومن قتل بغير المعاني التي ذكرنا أنه إذا قتل بها كان قتلا بحق ( فقد جعلنا لوليه سلطانا).
وأولى التأويلين بالصواب في ذلك تأويل من تأول ذلك: أن السلطان الذي ذكر الله تعالى في هذا الموضع ما قاله ابن عباس، من أن لولي القتيل القتل إن شاء وإن شاء أخذ الدية، وإن شاء العفو، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم فتح مكة: ألا ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين بين أن يقتل أو يأخذ الدية. " اهـ


  

يقول ابن أبي الدنيا في " المنامات 245 ":
ثني إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا قَبِيصَةُ بْنُ لَيْثٍ أَبُو مُعَاوِيَةَ الْأَسَدِيُّ، ثني مُطَرِّفٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: " رَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ كَأَنَّ السَّمَاءَ انْفَرَجَتْ فَاطَّلَعَ مِنْهَا رَجُلٌ فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا مَلَكٌ قُلْتُ: أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ ، قَالَ: سَلْ عَمَّ شِئْتَ ،
قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَهْلِ الْجَمَلِ؟
قَالَ: فِئَتَانِ مُؤْمِنَتَانِ اقْتَتَلُوا ،
قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَهْلِ صِفِّينَ؟
قَالَ: فِئَتَانِ مُؤْمِنَتَانِ اقْتَتَلُوا ،
قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَهْلِ النَّهْرَوَانِ؟ 
قَالَ: خَلَعُوا إِمَامَهُمْ وَنَكَثُوا بَيْعَتَهُمْ فَلَقُوا تَرَحًا ".



و قال ابن أبي شيبة في المصنف [39035]: 
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ الْمَوْصِلِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، قَالَ: 
سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ قَتْلَى يَوْمِ صِفِّينَ، 
فَقَالَ: قَتْلاَنَا وَقَتْلاَهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَيَصِيرُ الأَمْرُ إلَيَّ وَإِلَى مُعَاوِيَةَ.
 (( رواية يزيد عن علي تحتمل في الموقوف )).





فماذا يريد الجهلة ؟





هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم.

هناك 5 تعليقات:

  1. السلام عليك أبا عبد الله
    أنا أخوك أبو سعيد حمزة الرادسي كنت عضوا في شبكة الورقات و أنا صديق أبي جعفر الخليفي و أبي سليمان التميمي
    مدونتك جيدة و جهودك طيبة أسأل الله لك مزيد التوفيق و السداد لإظهار مذاهب السلف و نشرها بين المسلمين و تقديمها لهم في أحسن صورة
    و عليك بعقائد السلف خاصة التي هجرت اليوم و ديست بالأقدام و صارت توصف بأبشع الأوصاف , انشرها و جاهد في نشرها و تقديمها بين يدي شباب المسلمين في أبهى صورة و انقض على مذاهب المخالفين لها التاركين لآثار السلف و بين عوار مذاهبهم و خواء شبههم
    و أبشر فقد قال الله عز وجل : وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ و أحمد بن حنبل عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لحسان بن ثابت : أجب عني اللهم أيده بروح القدس
    وفقك الله لما يحبه و يرضاه

    ردحذف
    الردود
    1. و عليكم السلام و رحمة الله أخي حمزة لعلك أبو سعيد التونسي، حياك الله بالسلام
      تشجيع طيب منك بارك الله فيك، اللهم وفقنا يا كريم.

      (يوسف الدكالي)

      حذف
    2. و فيك بارك
      كان اسمي في الورقات هكذا أبو سعيد حمزة الرادسي
      و التشجيع كان بحث من أبي جعفر الخليفي (ابتسامة)
      و إخوانك من أهل الأثر مسرورون بك جدا فأبشر
      أرجو أن ترد علي بذكر ايميلك لكي أتواصل معك عبره فهو خير من المدونة
      وفقك الله لخير الدنيا و الآخرة

      حذف
  2. السلام عليكم أخوكم طارق بن علي بن يحيى بن عثمان اليماني عفا الله عنه بارك الله فيكم وجزاكم خيراً

    ردحذف
  3. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    حياكم الله بالسلام ، كيف حالكم يا أهل السنة ؟
    هل الأخ يوسف الدكالي من بلاد المغرب ؟

    ردحذف