الأربعاء، 23 يوليو 2014

ظَمَأُ الْهَوَاجِرِ

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله وبعد،




فالهواجر هي الأيام الشديدة الحر، و كان السلف الصالح يصومون هذه الأيام، و لعل السبب - و الله أعلم - أنهم كانوا يتقون بذلك حر جهنم.


فقد خرج البخاري في صحيحه (510) قال:
حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ حَدَّثَنَا الْأَعْرَجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَنَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ ".



و بهذا يُعلم معنى قول النبي - صلى الله عليه و سلم - " الصوم جُنة " أي وقاية 



و هذا الأسود بن يزيد النخعي رحمة الله عليه كان مشهورا بصيام أيام الحر حضرا و سفرا

يقول ابن أبي شيبة في "المصنف ":
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ عَنْ حَنَشٍ عَنْ رِيَاحٍ النَّخَعِيِّ قَالَ : كَانَ الْأَسْوَدُ يَصُومُ فِي السَّفَرِ حَتَّى يَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ مِنْ الْعَطَشِ فِي الْيَوْمِ الْحَارِّ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ .


و قال :
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَنَشُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ : رَأَيْت الْأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ قَدْ ذَهَبَتْ إحْدَى عَيْنَيْهِ مِنْ الصَّوْمِ .



فلعلهم كانوا يريدون هذا المعنى بصيامهم في هذه الأيام، و إن كان الظاهر أنهم يعذبون أنفسهم، لكن في الحقيقة يحمون أنفسهم.


قال ابن أبي شيبة في "مصنفه":
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَنَشُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ أَنَّ عَلْقَمَةَ كَانَ يَقُولُ لِلْأَسْوَدِ : لِمَ تُعَذِّبُ هَذَا الْجَسَدَ ؟ فَيَقُولُ : إنَّمَا أُرِيدُ لَهُ الرَّاحَةَ .


و قال أبو نعيم في " الحلية ":
حَدَّثَنَا أحمد بن جعفر بن حمدان ، قَالَ : ثَنَا عبد الله بن أحمد ، حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنَا معمر بن سليمان الرقي ، قَالَ : ثَنَا عبد الله بن بشر أَنَّ علقمة وَالْأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ حَجًّا ، وَكَانَ الأسود صَاحِبَ عِبَادَةٍ ، وَصَامَ يَوْمًا فَكَانَ النَّاسُ بِالْهَجِيرِ وَقَدْ تَرَبَّدَ وَجْهُهُ ، فَأَتَاهُ علقمة فَضَرَبَ عَلَى فَخِذِهِ ، فَقَالَ : أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ يَا أبا عمرو فِي هَذَا الْجَسَدِ ، عَلَامَ تُعَذِّبُ هَذَا الْجَسَدَ ؟ فَقَالَ الأسود : يَا أبا شبل الْجِدَّ الْجِدَّ .


و إذا جاء شهر رمضان في الصيف تجدنا قلقين خائفين، من طول اليوم و شدة حره، و لو استحضرنا مثل هذه المعاني لحسن صومنا. و هكذا في سائر العبادات.



و هذا معضد أبو يزيد العجلي رحمه الله يقول لولا ظمأ الهواجر ما باليت أن أكون يعسوبا

يقول ابن المبارك في الزهد ٢٧٨ : 
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْكَلَاعِيِّ، عَنْ بِلَالِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مِعْضَدٍ قَالَ: «لَوْلَا ظَمَأُ الْهَوَاجِرِ، وَطُولُ لَيْلِ الشِّتَاءِ، وَلَذَاذَةُ التَّهَجُّدِ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مَا بَالَيْتُ أَنْ أَكُونَ يَعْسُوبَا»


و قال ابن أبي شيبة في " المصنف ":
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ : "مَا تَرَكْت خَلْفِي شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا آسَى عَلَيْهِ غَيْرَ ظَمَأِ الْهَوَاجِرِ وَغَيْرَ مَشْيٍ إلَى الصَّلَاةِ ". 



فاللهم أصلح أحوالنا، و ارزقنا الإيمان و العمل يا من لا إله إلا أنت.



هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله  وصحبه و سلم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق