الخميس، 13 نوفمبر 2014

تَفْسِيرُ قَتَادَة / سُورَةُ آلِ عِمْرَان [ 101 - 110 ]

سورة آل عمران [ 101 - 110 ]






[سورة آل عمران]






قوله تعالى ( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ )

715 - قال الطبري " 7533 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد بَنْ زُرَيْع قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَوْلهُ: " وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ
وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ " الآيَة، عَلَمَانِ بَيِّنَانِ: وُجْدَانُ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكِتَابُ اللهِ. فَأَمَّا نَبِيُّ اللهِ فَمَضَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَمَّا كِتَابُ اللهِ، فَأَبْقَاهُ اللهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ رَحْمَةً مِنَ اللهِ وَنِعْمَة، فِيهِ حَلاَلُهُ وَحَرَامُهُ، وَطَاعَتُهُ وَمَعْصِيَتُهُ.




قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )

716 - قال عبد الرزاق " 439 ":
أنا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] قَالَ: يُطَاعُ فَلَا يُعْصَى ، ثُمَّ نَسَخَهَا: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].

717 - و قال الطبري " 7556 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْلهُ: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ "، ثُمَّ أَنْزَلَ التَّخْفِيفَ وَاليُسْرَ، وَعَادَ بِعَائِدَتِهِ وَرَحْمَتِهِ عَلَى مَا يَعْلَمُ مِنْ ضُعْفِ خَلْقِهِ فَقَالَ: (فاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، فَجَاءَتْ هَذِهِ الآيَةُ، فِيهَا تَخْفِيفٌ وَعَافِيَةٌ وَيُسْرٌ.




قوله تعالى ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا )

718 - قال عبد الرزاق " 442 ":
أنا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} [آل عمران: 103] قَالَ: «بِعَهْدِ اللَّهِ وَبِأَمْرِهِ».

719 - و قال الطبري " 7564 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْلهُ: " وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا "، حَبْلُ اللهِ المَتِين الَّذِي أَمَرَ أَنْ يُعْتَصَمَ بِهِ: هَذَا القُرْآنُ. (1)




قوله تعالى ( وَلاَ تَفَرَّقُوا )

720 - قال الطبري " 7575 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة: " وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ "، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ كَرِهَ لَكُمُ الفُرْقَةَ، وَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ فِيهَا، وَحَذَّرَكُمُوهَا، وَنَهَاكُمْ عَنْهَا، وَرَضِيَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ وَالأُلْفَةَ وَالجَمَاعَة، فَارْضَوْا لِأَنْفُسِكُمْ مَا رَضِيَ اللهُ لَكُمْ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ، وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.




قوله تعالى ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا )

721 - قال الطبري " 7582 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْلهُ: " وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ "، كُنْتُمْ تَذَابَحُونَ فِيهَا، يَأْكُلُ شَدِيدُكُمْ ضَعِيفُكُمْ، حَتَّى جَاءَ اللهُ بِالإِسْلاَمِ، فَآخَى بِهِ بَيْنَكُمْ، وَأَلَّف بِهِ بَيْنَكُمْ. أَمَا وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، إِنَّ الأُلْفَةَ لَرَحْمَةٌ، وَإِنَّ الفُرْقَةَ لَعَذَابٌ.




قوله تعالى ( وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا )

722 - قال الطبري " 7591 " :
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْلهُ: " وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ "، كَانَ هَذَا الحَيُّ مِنَ العَرَبِ أَذَلَّ النَّاسِ ذُلاًّ وَأَشْقَاهُ عَيْشًا، وَأَبْيَنَهُ ضَلاَلَةً، وَأَعْرَاهُ جُلُودًا، وَأَجْوَعَهُ بُطُونًا، مَكْعُومِينَ عَلَى رَأْسِ حَجَرٍ بَيْنَ الأَسَدَيْنِ فَارِسَ وَالرُّوم، لاَ وَاللهِ مَا فِي بِلاَدِهِمْ يَوْمَئِذٍ مِنْ شَيْءٍ يُحْسَدُونَ عَلَيْهِ. مَنْ عَاشَ مِنْهُمْ عَاشَ شَقِيًّا، وَمَنْ مَاتَ رُدِّيَ فِي النَّارِ، يُؤَكَّلُونَ وَلاَ يَأْكُلُونَ، وَاللهِ مَا نَعْلَمُ قَبِيلاً يَوْمَئِذٍ مِنْ حَاضِرِ الأَرْضِ، كَانُوا فِيهَا أَصْغَرَ حَظًّا، وَأَدَّقَ فِيهَا شَأْنًّا مِنْهُمْ، حَتَّى جَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالإِسْلاَمِ، فَوَرَّثَكُمْ بِهِ الكِتَابَ، وَأَحَلَّ لَكُمْ بِهِ دَارَ الجِهَادِ، وَوَضَعَ لَكُمْ بِهِ مِنَ الرِّزْقِ، وَجَعَلَكُمْ بِهِ مُلُوكًا عَلَى رِقَابِ النَّاسِ. وَبِالإِسْلاَمِ أَعْطَى اللهُ مَا رَأَيْتُمْ، فَاشْكُرُوا نِعَمَهُ، فَإِنَّ رَبَّكُمْ مُنْعِمٌ يُحِبُّ الشَّاكِرِينَ، وَإِنَّ أَهْلَ الشُّكْرِ فِي مَزِيدِ اللهِ، فَتَعَالَى رَبُّنَا وَتَبَارَكَ. (2)









قوله تعالى ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ 106 وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )

723 - قال الطبري " 7601 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْلهُ: " يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ "، الآيَة، لَقَدْ كَفَرَ أَقْوَامٌ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ كَمَا تَسْمَعُونَ، وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَيَرِدَنَّ عَلَى الحَوْضِ مِمَّنْ صَحِبَنِي أَقْوَامٌ، حَتَّى إِذَا رُفِعُوا إِلَيَّ وَرَأَيْتُهُمْ، اخْتُلِجُوا دُونِي، فَلَأَقُولَنَّ: رَبِّ! أَصْحَابِي أَصْحَابِي! فَلَيُقَالَنَّ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ"!. (3) وَقَوْلُهُ: " وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ "، هَؤُلاَءِ أَهْلُ طَاعَةِ اللهِ، وَالوَفَاءِ بِعَهْدِ اللهِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: " فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ".




قوله تعالى ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ )

724 - قال ابن أبي حاتم " 3964 ":
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: (آيَاتُ اللَّهِ) قَالَ: الْقُرْآنُ.





قوله تعالى ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )

725 - قال الطبري " 7620":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَالَ: كَانَ الحَسَنُ يَقُولُ: نَحْنُ آخِرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ. (4)




قوله تعالى ( وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ )

726 - قال ابن أبي حاتم " 3981 ":
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الطُّوسِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرُّوذِيُّ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ) قَالَ: اسْتَثْنَى اللَّهُ مِنْهُمْ ثَلاثَةً كَانُوا عَلَى الْهُدَى وَالْحَقِّ.

727 - و قال " 3982 ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبْسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: (وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) قَالَ: ذَمَّ اللَّهُ أَكْثَرَ النَّاسِ.





[يتبع بإذن الله]
________
1/ و قد صح عن ابن مسعود رضي الله عنه. يقول سعيد بن منصور في " تفسيره 519 ": نا سُفْيَانُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آل عمران: 103] ، قَالَ: " حَبْلُ اللَّهِ: الْقُرْآنُ " .اهـ و سفيان هو ابن عيينة
2/ نص مخيف. و تجد بعض سفهاء الأحلام يقول " لو كنا في زمن النبيّ لفعلنا كذا و كذا "، و قد عافاهم الله من كل هذا البلاء. فاليهود و غيرهم ما تقبلوا أن يخرج نبي من العرب، ما استطاعوا أن يُمشوا هذا الأمر. (وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا). قال ابن وهب: سألت ابن زيد عن قول الله عز وجل: (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به). قال: كانت يهود يستفتحون على كفار العرب، يقولون: أما والله لو قد جاء النبي الذي بَشر به موسى وعيسى، أحمد، لكان لنا عليكم! وكانوا يظنون أنه منهم، والعرب حولهم، وكانوا يستفتحون عليهم به، ويستنصرون به. فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به وحسدوه، وقرأ قول الله جل ثناؤه: كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ [ سورة البقرة: 109]. قال: قد تبين لهم أنه رسول، فمن هنالك نفع الله الأوس والخزرج بما كانوا يسمعون منهم أن نبيا خارج".اهـ [ تفسير الطبري 1533 بسند صحيح]. فاللهم أعنا على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك.
3/ مخرج عند البخاري (6642) ومسلم (2297)، من حديث أَنَس بْن مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ رِجَالٌ مِمَّنْ صَاحَبَنِي ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتُهُمْ وَرُفِعُوا إِلَيَّ اخْتُلِجُوا دُونِي ، فَلَأَقُولَنَّ : أَيْ رَبِّ أُصَيْحَابِي أُصَيْحَابِي ، فَلَيُقَالَنَّ لِي : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ) .
4/ و قال مجاهد: "كنتم خير أمة أخرجت للناس"، يقول: على هذا الشرط: أن تأمرُوا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر وتؤمنوا بالله [تفسيره الطبري 7614 بسند صحيح]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق