السبت، 17 سبتمبر 2016

تَفْسِيرُ قَتَادَة / سُورَةُ يُونُس [ 61 - 70 ]

سورة يونس [ 61 - 70 ]







[سورة يونس]









قوله تعالى ( وَمَا يَعْزُبُ (1) عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ )

1853 - قال ابن أبي حاتم " 10451 ":
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: (فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) قَالَ: كُلُّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ عِنْدَ اللَّهِ مُبِينٌ.






قوله تعالى ( أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ (2) لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ 62 الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ (3) 63 لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (4) وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ (5) ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

1854 - قال عبد الرزاق " 1163 ":
عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] ، قَالَ: «الْبِشَارَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ». (4)

1855 - وقال الطبري " 17757 ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بَنْ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بَنْ ثَوْر، عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِي، وَقَتَادَة: (لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا) ، قَالَ: هِيَ البِشَارَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا.







قوله تعالى ( أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكَاء إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ )

1856 - قال ابن أبي حاتم " 10468 ":
حَدَّثَنَا أَبِي هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: (الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله) قَالَ: إِنَّ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَذَا الْوَثَنَ وَهَذَا الْحَجَرَ. (6)







قوله تعالى ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا )

1857 - قال ابن أبي حاتم " 10469 ":
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا عَنِ الْوَلِيدِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ: (اللَّيْلَ سَكَنًا): يَسْكُنُ فِيهِ كُلُّ طَائِرٍ وَدَابَّةٍ.

1858 - و قال أيضا " 10470 ":
ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، عَنْ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قوله: (النَّهَارَ مُبْصِرًا) أَيْ مُنِيرًا.






قوله تعالى ( قَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ )

1859 - قال ابن أبي حاتم " 10472 ":
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ الْعَبْدِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ قَالَ: إِذْ قَالُوا عَلَيْهِ الْبُهْتَانَ عَظَّمَ نَفْسَهُ. (7)






قوله تعالى ( هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )

1860 - قال ابن أبي حاتم " 10476 ":
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد اللَّهِ بْنِ الْمُنَادِي فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، ثنا سُفْيَانُ النَّحْوِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ: (أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) قَالَ: الْقَوْلُ الْكَذِبُ وَالْبَاطِلُ وَقَالُوا عَلَيْهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ.



[يتبع بإذن الله]
_______
1/ قال ابن عباس: (وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ) قَالَ: مَا يَغِيبُ عَنْ رَبِّكَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.[تفسير ابن أبي حاتم 10450].
2/ يقول ابن أبي شيبة في " مصنفه 36427 ": حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ أَبِي الضُّحَى فِي قَوْلِهِ : {ألاَّ إنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} قَالَ : هُمَ الَّذِينَ إذَا رُؤُوا ذُكِرَ اللَّهُ.اهـ و قال عبد الله في " العلل 4760 ": حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا زَيْد بْنُ الحُبَاب قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَان عَنْ حَبِيب بن أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي وَائِل قَالَ: قَالَ بْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ ذِكْرِ اللهِ، فَإِذَا رُؤُوا ذُكِرَ اللهُ. اهـ
3/ يقول الطبري في " تفسيره 15/122 ": " قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: "الولي"  أعني "ولي الله"، هو من كان بالصفة التي وصفه الله بها، وهو الذي آمن واتقى، كما قال الله (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) 17716: حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: (ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ، من هم يا ربّ؟ قال: (الذين آمنوا وكانوا يتقون) ، قال: أبى أن يُتَقَبَّل الإيمان إلا بالتقوى.اهـ
4/ و قال آخرون هي الرؤيا الصالحة. قال الطبري " 17745 ": حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، قال: هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرَى له. و قال الطبري أيضا " 17749": حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: كانوا يقولون: الرؤيا من المبشِّرات.اهـ و قال ابن أبي شيبة في " مصنفه 30463 ": حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64]، قَالَ: «هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ». و قال أيضا " 30462 ": حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64]، قَالَ: «هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ».اهـ و لاخلاف بين الأقوال. يقول سعيد بن منصور في " التفسير 1061 ":  سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ: لَيْسَ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ اخْتِلَافٌ، إِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ جَامِعٌ يُرَادُ بِهِ هَذَا وهذا . اهـ
5/ قال الطبري في " تفسيره 17759 ": حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن نافع قال: أطال الحجاج الخطبة، فوضع ابن عمر رأسَه في حِجْري، فقال الحجاج: إن ابن الزبير بدّل كتاب الله! فقعد ابن عمر فقال: لا تستطيع أنت ذاك ولا ابن الزبير! (لا تبديل لكلمات الله)! فقال الحجاج: لقد أوتيت علمًا إن نفعك! قال أيوب: فلما أقبل عليه في خاصّة نفسه سكَتَ.
6/ سبحان الله، كيف جاءت هذه الآية بعد ذكر أولياء الله، و فيها الرد على القبورية بشكل صريح أهل الشك و الإفك. و روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ ". [موطأ مالك ] و لم يزل سلف هذا الأمة يسدون الذرائع من تسوية القبور مع الأرض [حديث علي عند مسلم 969. و قال أبو مجلز: " تسوية القبور من السنة" مصنف ابن أبي شيبة 11798]، و النهي عن تجصيصها و البناء عليها [مسلم 970]،  و وضع العلامات عليها [خبر الإمام طاوس " خَيْرٌ لَكَ أَلَّا تَعْرِفَ قَبْرَهُ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهَ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُ وَتَدْعُو لَهُ، أَمَا عَلِمْتَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُبْنَى عَلَيْهَا أَوْ تُجَصَّصَ أَوْ تُزْدَرَعَ، فَإِنَّ خَيْرَ قُبُورِكُمُ الَّتِي لَا تُعْرَفُ» مصنف عبد الرزاق 6495] ، و تظليلها [ خبر ابن عمر " عَلَى قبر عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر أخي عَائِشَة وَعَلِيهِ فسطاط مَضْرُوب فَقَالَ للغلام انزعه فَإِنَّمَا يظله عمله قَالَ الْغُلَام يضربني مولَايَ قَالَ كلا فَنَزَعَهُ." الطبقات لابن سعد. و قال ابن أبي شيبة في " المصنف 11752 ": ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ، يَقُولُ: «هَذِهِ الْفَسَاطِيطُ الَّتِي عَلَى الْقُبُورِ مُحْدَثَةٌ»]. و الصلاة إليها [ قال إبراهيم النخعي: «كَانُوا إِذَا خَرَجُوا مَعَ جِنَازَةٍ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ تَنَحَّوْا عَنِ الْقُبُورِ» مصنف ابن أبي شيبة 7581.  و كان ابن سيرين يقول: " بيت نار". المصنف 7583]. و عن طاوس أنه «كَرِهَ أَنْ يُسْتَسْقَى مِنَ الْآبَارِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْمَقَابِرِ» [ مصنف ابن أبي شيبة 12144] و هذا كله سدا للذرائع. فلما تفرقت الأمة ظهرت البدع و الخرافات . يقول ابن تيمية في " المجموع ص 466 ": " وَلَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ لَا فِي الْحِجَازِ وَلَا الْيَمَنِ وَلَا الشَّامِ وَلَا الْعِرَاقِ وَلَا مِصْرَ وَلَا خُرَاسَانَ وَلَا الْمَغْرِبِ. وَلَمْ يَكُنْ قَدْ أُحْدِثَ مَشْهَدٌ لَا عَلَى قَبْرِ نَبِيٍّ وَلَا صَاحِبٍ وَلَا أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَلَا صَالِحٍ أَصْلًا ؛ بَلْ عَامَّةُ هَذِهِ الْمَشَاهِدِ مُحْدَثَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ . وَكَانَ ظُهُورُهَا وَانْتِشَارُهَا حِينَ ضَعُفَتْ خِلَافَةُ بَنِي الْعَبَّاسِ وَتَفَرَّقَتْ الْأُمَّةُ وَكَثُرَ فِيهِمْ الزَّنَادِقَةُ الْمُلَبِّسُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَفَشَتْ فِيهِمْ كَلِمَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَذَلِكَ مِنْ دَوْلَةِ الْمُقْتَدِرِ فِي أَوَاخِرَ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ ".اهـ
7/ عظم نفسه يعني قوله تعالى ( سبحانه ). قال ميمون بن مهران: " اسْمٌ يُعَظَّمُ اللَّهُ بِهِ، وَيُحَاشَى بِهِ مِنَ السُّوءِ ". [تفسير ابن أبي حاتم 344 ].اهـ وهذا جليل جدا، خلافا لمن قال التسبيح تنزيه. بل هو تنزيه وتعظيم (نفي وإثبات)، وهذا أكمل. تعالى الله عما يقولون.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق