الجمعة، 31 مارس 2017

قَوْلُ الرَّجُلِ فِي دُعَائِهِ " اللَّهُمَّ تَصَدَّق عَلَيَّ "

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد،




يقول سعيد بن منصور في تفسيره 1142 ":
نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جابر قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الطَّوِيلُ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ،: تَصَدَّقْ عَلَيَّ تَصَدَّقَ اللَّهُ عَلَيْكَ بِالْجَنَّةِ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَتَصَدَّقُ وَلَكِنْ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ.


قال المحقق :
" في هذا الكلام نظر! وهو اجتهاد مخالف لما أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (1 / 478 رقم 4) في أول كتاب صلاة المسافرين، عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب: {ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} فقد أمن الناس؟! فقال: عجبتُ مما عجبتَ منه، فسألت رَسُولُ اللَّهِ ء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم ء عن ذلك فقال: ((صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)) ". اهـ



أقول هذا الخبر خرجه ابن أبي حاتم في تفسيره أيضا 11934 :
حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ سَالِمٍ الْمَكِّيُّ ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّوِيلِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: تَصَدَّقْ عَلَيَّ تَصَدَّقَ اللَّهُ عَلَيْكَ بِالْجَنَّةِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: وَيْحَكَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَتَصَدَّقُ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ.



و ليس في هذا الكلام أي نظر - نقدي -، بل هو نفيس و فيه فهم جليل للسلف

و قال ابن أبي شيبة في مصنفه 27038 :
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مُخْتَارٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ : " اللَّهُمَّ تَصَدَّقَ عَلَيَّ " ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ : " اللَّهُمَّ امْنُنْ عَلَيَّ ".


فالصدقة المذكورة في حديث النبي صلى الله عليه و سلم بمعنى الرخصة.


و الحديث أصلا في باب الإخبار عن الله أنه تصدق بكذا و كذا، لا أن ندعوه بأن يتصدق علينا !



وقد صح عن ابن مسعود و ابن عمر و غيرهم 
«أنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُقْبَلَ رُخَصُهُ، كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ»




و قد وقفت على أثر لمجاهد يبين علة الكراهة


قال الطبري في تفسيره 19788 ":
حَدَّثَنِي الحَارِثُ، قَالَ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ، قَالَ، حَدَّثَنَا مَرْوَان بن مُعَاوِيَة، عَنْ عُثْمَان بن الأَسْوَدِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، وَسُئِلَ: 
هَلْ يُكْرَهُ أَنْ يَقُول الرَّجُلُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ تَصَدَّق عَلَيَّ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، إِنَّمَا الصَّدَقَةُ لِمَنْ يَبْغِي الثَّوَابَ.



قال جل و علا ( فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ) [يوسف 88].





هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.

هناك تعليقان (2):

  1. قال أبو نعيم في الحلية 5045 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، " أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ : اللَّهُمَّ أَعْتِقْنِي مِنَ النَّارِ ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَعْتِقُ مَنْ رَجَا الثَّوَابَ ، أَوْ تَصَدَّقْ عَلَيَّ بِالْجَنَّةِ ، فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ عَلَى مَنْ يَرْجُو الثَّوَابَ "
    كأن فيه تصحيفا، لعل الصواب يتصدق من يرجو الثواب

    ردحذف