تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ
الحمد لله رب العالمين
و الصلاة على رسول
الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن
كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن
مضر بن نزار بن معد بن عدنان، و على آله و صحبه و سلم. و بعد؛
فإن تعلم الأنساب مما لا بأس
به، إلاّ إذا أريد به المفاخرة و المباهات، نحن من قبيلة كذا و من عشيرة كذا فهذا من
أمور الجاهلية،
فقد خرج مسلم في صحيحه ـ باب التشديد في النياحة 934 :
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْنِ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا
عَفَّان حَدَّثَنَا أَبَان بْنِ يَزِيد ح وَحَدَّثَنِي إِسْحَق بْنِ مَنْصُور وَاللَّفْظُ
لَهُ أَخْبَرَنَا حبَّان بْنُ هِلاَل حَدَّثَنَا أَبَان حَدَّثَنَا يَحْيَى أَنَّ زَيْدًا
حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سلاَم حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الأَشْعَرِي حَدَّثَهُ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" أَرْبَعٌ فِي أَمَّتِي
مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ الفَخْرُ فِي الأَحْسَابِ وَالطَّعْنُ
فِي الأَنْسَابِ وَالاِسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَالنِّيَاحَةُ. وَقَالَ النَّائِحَةُ
إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَاَّمُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ
مِنْ قَطِرَانَ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ ".
و إنما شُرع هذا العلم من أجل
أن يعرف الناس بعضهم بعضا في النسب. يقول الله تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا
خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
} - [الحجرات 13]
يقول الطبري في " تفسيره
" :
" وقوله ( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
) يقول: وجعلناكم متناسبين، فبعضكم يناسب بعضا نسبا بعيدا، وبعضكم يناسب بعضا نسبا
قريبًا؛ فالمناسب النسب البعيد من لم ينسبه أهل الشعوب، وذلك إذا قيل للرجل من العرب:
من أيّ شعب أنت؟ قال: أنا من مضر، أو من ربيعة. وأما أهل المناسبة القريبة أهل القبائل،
وهم كتميم من مضر، وبكر من ربيعة، وأقرب القبائل الأفخاذ وهما كشيبان من بكر ودارم
من تميم، ونحو ذلك
- حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا
أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن
ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( شُعُوبًا ) قال: النسب البعيد.( وَقَبَائِلَ ) دون
ذلك.
- حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال:
ثنا سعيد، عن قتادة ( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ ) قال: الشعوب: النسب البعيد،
والقبائل كقوله: فلان من بني فلان، وفلان من بني فلان.
وقوله ( لِتَعَارَفُوا ) يقول:
ليعرف بعضكم بعضا في النسب، يقول تعالى ذكره: إنما جعلنا هذه الشعوب والقبائل لكم أيها
الناس، ليعرف بعضكم بعضا في قرب القرابة منه وبعده، لا لفضيلة لكم في ذلك، وقُربة تقرّبكم
إلى الله، بل أكرمكم عند الله أتقاكم.
- حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا
أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن
ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ) قال: جعلنا هذا لتعارفوا، فلان
بن فلان من كذا وكذا. " اهـ
و مما يدل على أن تعلم الأنساب
أمر حسن، بل هو مطلوب.
ما خرجه الترمذي في سننه بسند حسن - باب ما جاء في تعليم النسب:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنَ مُحَمَّدٍ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنَ المُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْن عِيسَى الثَّقَفِيّ
عَنْ يَزِيد مَوْلَى المُنْبَعِثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاَلَ:" تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ
بِهِ أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ مَثْرَاةٌ فِي
المَالِ مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ"
و قال المروزي في " البر
و الصلة " 13 :
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، قَالَ
: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : " تَعَلَّمُوا أَنْسَابَكُمْ ، ثُمَّ صِلُوا
أَرْحَامَكُمْ ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَخِيهِ الشَّيْءُ
لَوْ كَانَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِنْ دِخْلَةِ الرَّحِمِ ، لَرَدَعَهُ
ذَلِكَ عَنِ انْتِهَاكِهِ " اهـ
و هذا واقع في حياة الناس، بمجرد أن يعرف أنك من جهة فلان أو من المدينة أو البلد الفلاني فإن ذلك يردعه عن انتهاكك.
و الله تعالى أعلم
و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه
و سلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق