الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول
الله و بعد
يقول رب العزة جل و علا (إِذْ يَتَلَقَّى
الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ 17 مَا يَلْفِظُ مِنْ
قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ 18 )
[ ق ]
و القعيد المترصد
يقول الطبري في " تفسيره
" :
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو
قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ
: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ،
عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ ( قَعِيدٌ ) قَالَ : رَصَدٌ .
و المتلقيان هما الملكان.
يقول الطبري في " تفسيره " :
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ :
ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ : ثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ
( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ) قَالَ : عَنِ الْيَمِينِ الَّذِي يَكْتُبُ
الْحَسَنَاتِ ، وَعَنِ الشِّمَالِ الَّذِي يَكْتُبُ السَّيِّئَاتِ .
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ :
ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ : ثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
التَّيْمِيِّ فِي قَوْلِهِ ( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ
الشِّمَالِ قَعِيدٌ ) قَالَ : صَاحِبُ الْيَمِينِ أَمِيرٌ أَوْ أَمِينٌ عَلَى صَاحِبِ
الشِّمَالِ ، فَإِذَا عَمِلَ الْعَبْدُ سَيِّئَةً قَالَ صَاحِبُ الْيَمِينِ لِصَاحِبِ
الشِّمَالِ : أَمْسَكَ لَعَلَّهُ يَتُوبُ .
((
الله أكبر، و هذا إسناد صحيح ))
و قال :
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى
قَالَ : ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : تَلَا الْحَسَنُ
( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ) قَالَ : فَقَالَ : يَا ابْنَ آدَمَ
بُسِطَتْ لَكَ صَحِيفَةٌ ، وَوُكِّلَ بِكَ مَلَكَانِ كَرِيمَانِ ، أَحَدُهُمَا عَنْ
يَمِينِكَ ، وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِكَ؛ فَأَمَّا الَّذِي عَنْ يَمِينِكَ فَيَحْفَظُ
حَسَنَاتِكَ ؛ وَأَمَّا الَّذِي عَنْ شِمَالِكَ فَيَحْفَظُ سَيِّئَاتِكَ ، فَاعْمَلْ
بِمَا شِئْتَ ، أَقَلِلْ أَوْ أَكْثِرْ ، حَتَّى إِذَا مِتَّ طُوِيَتْ صَحِيفَتُكَ
، فَجُعِلَتْ فِي عُنُقِكَ مَعَكَ فِي قَبْرِكَ ، حَتَّى تَخْرُجَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ ( وَكُلُّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ
) . . . حَتَّى بَلَغَ ( حَسِيبًا ) عَدَلَ وَاللَّهِ عَلَيْكَ مَنْ جَعَلَكَ حَسِيبَ
نَفْسِكَ . " اهـ
كلام الحسن هذا يقطع عنق العجب من أصله.
يقول أبو نعيم في الحلية:
حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثَنَا عبد الله بن أبي داود ، قَالَ : ثَنَا
محمود بن خالد قَالَ :ثَنَا عُمَرْ بَنْ عَبْدِ الوَاحِد ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، قَالَ : إِنَّ الْمَلَكَ لَيَصْعَدُ بِعَمَلِ
الْعَبْدِ مُبْتَهِجًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى
اجْعَلُوهُ فِي سِجِّينٍ إِنِّي لَمْ أُرَدْ بِهَذَا الْعَمَلِ.
و من منا يجزم بأن عمله قد قبل !
و جاء عند ابن سعد في الطبقات 9193 :
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : قَالَ أَيُّوبُ : " وَمَنْ يَسْلَمُ ؟ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ فَيَرَى أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ مِنَ الْقَوْمِ مَوْقِعًا ، فَيُخَالِطُ قَلْبَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ " .
يقول ابن أبي شيبة في المصنف
36618:
حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ،
قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ ، فَقَالَ : أُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثٍ
لَعَلَّهُ يَنْفَعُكُمْ فَإِنَّهُ قَدْ نَفَعَنِي ، قَالَ : قَالَ لَنَا عَطَاءُ بْنُ
أَبِي رَبَاحٍ: " يَا ابْنَ أَخِي ، إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ يَكْرَهُ فُضُولَ
الْكَلاَمُ مَا عَدَا كِتَابَ اللهِ تَعَالَى أَنْ تَقْرَأَهُ. أَوْ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ
، أَوْ نَهْيًا ، عَنْ مُنْكَرٍ ، وَأَنْ تَنْطِقَ بِحَاجَتِكَ فِي مَعِيشَتِكَ الَّتِي
لاَ بُدَّ لَك مِنْهَا.
أَتُنْكِرُونَ أَنَّ (عَلَيْكُمْ حَافِظِينَ
كِرَامًا كَاتِبِينَ).
وَأَنَّ (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ
قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ).
أَمَا يَسْتَحْيِيْ أَحَدُكُمْ لَوْ
نَشَرَ صَحِيفَتَهُ الَّتِي أَمْلَى صَدْرَ نَهَارِهِ وَأَكْثَرَ مَا فِيهَا لَيْسَ
مِنْ أَمْرِ دِينِهِ ، وَلاَ دُنْيَاهُ. " اهـ
قال الأخ عبد الله الخليفي معلقا على
هذا الأثر :
"
هذا إسنادٌ صحيح ، وهي موعظة بليغة من تابعي جليل وهو عطاء بن أبي رباح من أعيان فقهاء
التابعين ، تحتاج مني ومنك إلى وقفة ! " اهـ
( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ
فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا
* اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا * مَنِ اهْتَدَى
فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا
تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ).
و قال جل و علا في سورة " الكهف 49 " :
( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )
قال قتادة رحمه الله:
" اشتكى القوم كما تسمعون الإحصاء، ولم يشتك أحد ظلما، فإياكم والمحقَّرات من الذنوب، فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه ، ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب لها مثلا يقول كمثل قوم انطلقوا يسيرون حتى نـزلوا بفلاة من الأرض، وحضر صنيع القوم، فانطلق كلّ رجل يحتطب، فجعل الرجل يجيء بالعود، ويجيء الآخر بالعود، حتى جمعوا سوادا كثيرا وأجَّجوا نارا، فإن الذنب الصغير ، يجتمع على صاحبه حتى يهلكه "(1).
فإنا لله و إنا إليه راجعون.
و قال جل و علا في سورة " الكهف 49 " :
( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )
قال قتادة رحمه الله:
" اشتكى القوم كما تسمعون الإحصاء، ولم يشتك أحد ظلما، فإياكم والمحقَّرات من الذنوب، فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه ، ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب لها مثلا يقول كمثل قوم انطلقوا يسيرون حتى نـزلوا بفلاة من الأرض، وحضر صنيع القوم، فانطلق كلّ رجل يحتطب، فجعل الرجل يجيء بالعود، ويجيء الآخر بالعود، حتى جمعوا سوادا كثيرا وأجَّجوا نارا، فإن الذنب الصغير ، يجتمع على صاحبه حتى يهلكه "(1).
فإنا لله و إنا إليه راجعون.
هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم .
______________
1- قال الطبري في تفسيره – حدثنا بشر، قال ثنا يزيد، قال ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا ).
______________
1- قال الطبري في تفسيره – حدثنا بشر، قال ثنا يزيد، قال ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق