الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد،
يقول الحافظ أبو بكر ابن أبي شيبة رحمه الله في مصنفه - كتاب الزهد:
ما قالوا في البكاء من خشية الله (1)
1 - حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ
عَنْ دَاوُد عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدَ قَالَ
: كَانَ عُمَرُ إذَا صَلَّى أَخْرَجَ النَّاسَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَأَخَذَ إلَيْنَا
، فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابَهُ أَلْقَى الدُّرَّةَ وَجَلَسَ فَقَالَ : اُدْعُوا ، فَدَعَوْا
، قَالَ : فَجَعَلَ يَدْعُو وَيَدْعُو حَتَّى انْتَهَتْ الدَّعْوَةُ إلَيَّ ، فَدَعَوْت
وَأَنَا مَمْلُوكٌ ، فَرَأَيْته دَعَا وَبَكَى بُكَاءً وَلَا تَبْكِيه الثَّكْلَى فَقُلْت
فِي نَفْسِي : هَذَا الَّذِي تَقُولُونَ : إنَّهُ غَلِيظٌ.
((
داود هو ابن دينار بن عذافر، و أبو نضرة هو المنذر بن مالك العوفي، و أبو سعيد هو مالك
بن ربيعة ))
2
- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي
وَقَّاصٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْت نَشِيجَ عُمَرَ
وَأَنَا فِي آخِرِ الصَّفِّ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ يُوسُفَ (إنَّمَا أَشْكُو بَثِّي
وَحُزْنِي إلَى اللَّهِ) .
3
- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي
مُلَيْكَةَ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ قَالَ : كَانَ عُمَرُ يَقْرَأُ
فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ بِسُورَةِ يُوسُفَ وَأَنَا فِي مُؤَخِّرِ الصُّفُوفِ
حَتَّى إذَا ذُكِرَ يُوسُفُ سَمِعْت نَشِيجَهُ .
4
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ قَالَ حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ
بْنُ مَرْثَدٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ : لَوْ عُدِلَ بُكَاءُ أَهْلِ الْأَرْضِ
بِبُكَاءِ دَاوُد مَا عَدَلَهُ ، وَلَوْ عُدِلَ بُكَاءُ دَاوُد وَبُكَاءُ أَهْلِ الْأَرْضِ
بِبُكَاءِ آدَمَ حِينَ أُهْبِطَ إلَى الْأَرْضِ مَا عَدَلَهُ .
5
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَؤُمُّنَا
فَكَانَ لَا يُجِيزُ الْقِرَاءَةَ مِنْ الرِّقَّةِ .
6
- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ
صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّهُ كَانَ إذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ بَكَى حَتَّى أَرَى
أَنَّ قَصَصَ زُورِهِ سَيَنْدَقُّ (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ
يَنْقَلِبُونَ).
((
جاء في المعجم الغني: " زَوَرُ الصَّدْرِ " : اِعْوِجاحُهُ . اهـ و جاء في
المعجم الرائد: زور: أشرف أحد جانبي صدره على الآخر .اهـ ))
7
- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ
أُمِّهِ وَكَانَتْ تَسْحَقُ الْكُحْلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ كَانَ
يُطْفِئُ السِّرَاجَ وَيَبْكِي حَتَّى رُسِعَتْ عَيْنَاهُ .
((
يعلى بن عطاء العامري القرشي، مولى عَبْد اللَّهِ بْن عمرو بْن العاص . ))
8
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةُ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ ، قَالَ : قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْرَأُ عَلَيْك
وَعَلَيْك أُنْزِلَ ؟ قَالَ : إنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي ، قَالَ
: فَقَرَأْت النِّسَاءَ حَتَّى إذَا بَلَغْت (فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ
بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) رَفَعْت رَأْسِي أَوْ غَمَزَنِي
رَجُلٌ إلَى جَنْبِي فَرَأَيْت دُمُوعَهُ تَسِيلُ .
9
- حَدَّثَنَا مُحَاضِرٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ
قَالَ : لَقَدْ أَدْرَكْت سِتِّينَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ فِي مَسْجِدِنَا
هَذَا أَصْغَرُهُمْ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْد وَسَمِعْته يَقْرَأُ (إذَا زُلْزِلَتْ)
حَتَّى بَلَغَ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ) قَالَ : فَيَبْكِي
ثُمَّ قَالَ : إنْ هَذَا الْإِحْصَاءَ شَدِيدٌ .
((
الله المستعان، و الله نستغرب من حالنا مقارنة مع السلف، لا تأتي إلى باب من أبواب
الدين إلا و تجدهم في المراتب العالية و مع ذلك هم خائفون و جلون، و نحن في أدنى المراتب
و مع ذلك آمنون فرحون. و هذا يدلك على معنى العلم في قوله تعالى ( إنما يخشى الله من
عباده العلماء). يقول عِمْرَانَ الْقَصِيرِ: سَأَلْت الْحَسَنَ عَنْ شَيْءٍ فَقُلْت
: إنَّ الْفُقَهَاءَ يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : وَهَلْ رَأَيْت فَقِيهًا بِعَيْنَيْك
، إنَّمَا الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا ، الْبَصِيرُ بِدِينِهِ ، الْمُدَاوِمُ
عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ . [ابن أبي شيبة بسند صحيح] ))
10
- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا سَلَامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ : مَرَّ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ يَقْرَأُ آيَةً وَيَبْكِي وَيُرَدِّدُهَا ، قَالَ
: فَقَالَ : أَلَمْ تَسْمَعُوا إلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : (وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ
تَرْتِيلًا) قَالَ : هَذَا التَّرْتِيلُ .
((
صحيح عن الحسن البصري. و سلام لقب و اسمه سليمان ))
11
- حَدَّثَنَا شَاذَانُ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ: سَمِعْت كَعْبًا يَقُولُ
: لَأَنْ أَبْكِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى تَسِيلَ دُمُوعِي عَلَى وَجْنَتِي
أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِوَزْنِي ذَهَبًا وَاَلَّذِي نَفْسُ كَعْبٍ
بِيَدِهِ مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَبْكِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى تَقْطُرَ
قَطْرَةً مِنْ دُمُوعِهِ عَلَى الْأَرْضِ فَتَمَسُّهُ النَّارُ أَبَدًا حَتَّى يَعُودَ
قَطْرُ السَّمَاءِ الَّذِي وَقَعَ إلَى الْأَرْضِ مِنْ حَيْثُ جَاءَ وَلَنْ يَعُودَ
أَبَدًا .
((
شاذان هو الأسود بن عامر، و الجريري هو سعيد بن إياس. و هذا صحيح عن كعب. و ذُكر في
رواية أخرى أن هذا الفضل لمن كان على السبيل و السنة. قال ابن أبي شيبة: حَدَّثَنَا
ابْنُ مُبَارَكٍ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي دَاوُد عَنْ أُبَيِّ بْنِ
كَعْبٍ قَالَ : عَلَيْكُمْ بِالسَّبِيلِ وَالسُّنَّةِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ
عَلَى سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ ذَكَرَ الرَّحْمَنَ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ
فَمَسَّتْهُ النَّارُ أَبَدًا ، وَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ عَلَى سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ ذَكَرَ
اللَّهَ فَاقْشَعَرَّ جِلْدُهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ إلَّا كَانَ مَثَلُهُ كَمَثَلِ
شَجَرَةٍ يَبِسَ وَرِقُهَا فَهِيَ كَذَلِكَ إذْ أَصَابَتْهَا رِيحٌ فَتَحَاتَّ وَرَقُهَا
عَنْهَا إلَّا تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُ كَمَا يَتَحَاتُّ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ وَرِقُهَا
، وَإِنَّ اقْتِصَادًا فِي سُنَّةٍ وَسَبِيلٍ خَيْرٌ مِنْ اجْتِهَادٍ فِي غَيْرِ سُنَّةٍ
وَسَبِيلٍ ، فَانْظُرُوا أَعْمَالَكُمْ ، فَإِنْ كَانَتْ اقْتِصَادًا وَاجْتِهَادًا
أَنْ تَكُونَ عَلَى مِنْهَاجِ الْأَنْبِيَاءِ وَسُنَّتِهِمْ . اهـ أبو داود لم
أعرفه))
هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله وصحبه وسلم
__________
1 - خرج مسلم في صحيحه (1031) قال:
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ
بْنُ الْمُثَنَّى جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى
بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا
ظِلُّهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ
مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ
وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ
إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ
يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ.
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَوْ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَالَ وَرَجُلٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ
إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق