الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول
الله و بعد؛
فيقول رب العزة جل في علاه ( سَنَفْرُغٌ لَكُمْ
أَيُّهَا الثَّقَلاَن ) - [ الرحمن 31]
يقول الطبري في " تفسيره
" :
"
فَإِنَّهُ وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ لِعِبَادِهِ وَتَهَدُّدٌ ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ الَّذِي
يَتَهَدَّدُ غَيْرَهُ وَيَتَوَعَّدُهُ ، وَلَا شُغْلَ لَهُ يَشْغَلُهُ عَنْ عِقَابِهِ
، لَأَتَفَرَّغَنَّ لَكَ ، وَسَأَتَفَرَّغُ لَكَ . بِمَعْنَى : سَأَجِدُّ فِي أَمْرِكَ
وَأُعَاقِبُكَ . وَقَدْ يَقُولُ الْقَائِلُ لِلَّذِي لَا شُغْلَ لَهُ : قَدْ فَرَغْتَ
لِي ، وَقَدْ فَرَغْتَ لِشَتْمِي : أَيْ أَخَذْتَ فِيهِ ، وَأَقْبَلْتَ عَلَيْهِ ،
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ ) : سَنُحَاسِبُكُمْ
، وَنَأْخُذُ فِي أَمْرِكُمْ - أَيُّهَا الْإِنْسُ وَالْجِنُّ - فَنُعَاقِبُ أَهْلَ
الْمَعَاصِي ، وَنُثِيبُ أَهْلَ الطَّاعَةِ .
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى
قَالَ : ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ تَلَا ( سَنَفْرُغُ
لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ ) قَالَ : دَنَا مِنَ اللَّهِ فَرَاغٌ لِخَلْقِهِ .
" اهـ
و قال البخاري في " صحيحه
" عند قوله تعالى ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ ):
"
سَنُحَاسِبُكُمْ، لَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ. وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ
الْعَرَبِ يُقَالُ: لَأَتَفَرَّغَنَّ لَكَ وَمَا بِهِ شُغْلٌ يَقُولُ لَآخُذَنَّكَ
عَلَى غِرَّتِكَ " اهـ
و في هذه الآية وعيد شديد، إذا وقف
عندها المرأ - حقيقة - استقام حاله بإذن الله. بدلا من أن يتحدلق هل الله مشغول الآن أم ماذا ؟ كما
يفعل البعض.
و كان ابن عباس يقول: " وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ لِلْعِبَادِ ، وَلَيْسَ بِاللَّهِ شُغُلٌ ، وَهُوَ فَارِغٌ ".(1)
يقول ابن أبي شيبة في " المصنف
":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ
قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ : بَلَغَنِي
أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : " يَا بَنِي
آدَمَ ، إنَّا قَدْ أَنْصَتْنَا لَكُمْ مُنْذُ خَلَقْتُكُمْ إلَى يَوْمِكُمْ هَذَا
، فَأَنْصِتُوا لَنَا تُقْرَأُ أَعْمَالُكُمْ عَلَيْكُمْ ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ
اللَّهَ ، وَمِنْ وَجَدَ شَرًّا فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ ، فَإِنَّمَا هِيَ
أَعْمَالُكُمْ نَرُدُّهَا عَلَيْكُمْ ". اهـ
ربنا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا.
هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على
آله وصحبه وسلم.
___________
1 – من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس [تفسير
الطبري]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق