الجمعة، 29 أغسطس 2014

( سَنَفْرُغٌ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَن )

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد؛




فيقول رب العزة جل في علاه ( سَنَفْرُغٌ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَن ) - [ الرحمن 31]


يقول الطبري في " تفسيره " :
" فَإِنَّهُ وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ لِعِبَادِهِ وَتَهَدُّدٌ ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ الَّذِي يَتَهَدَّدُ غَيْرَهُ وَيَتَوَعَّدُهُ ، وَلَا شُغْلَ لَهُ يَشْغَلُهُ عَنْ عِقَابِهِ ، لَأَتَفَرَّغَنَّ لَكَ ، وَسَأَتَفَرَّغُ لَكَ . بِمَعْنَى : سَأَجِدُّ فِي أَمْرِكَ وَأُعَاقِبُكَ . وَقَدْ يَقُولُ الْقَائِلُ لِلَّذِي لَا شُغْلَ لَهُ : قَدْ فَرَغْتَ لِي ، وَقَدْ فَرَغْتَ لِشَتْمِي : أَيْ أَخَذْتَ فِيهِ ، وَأَقْبَلْتَ عَلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ ) : سَنُحَاسِبُكُمْ ، وَنَأْخُذُ فِي أَمْرِكُمْ - أَيُّهَا الْإِنْسُ وَالْجِنُّ - فَنُعَاقِبُ أَهْلَ الْمَعَاصِي ، وَنُثِيبُ أَهْلَ الطَّاعَةِ .

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ تَلَا ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ ) قَالَ : دَنَا مِنَ اللَّهِ فَرَاغٌ لِخَلْقِهِ . " اهـ



و قال البخاري في " صحيحه " عند قوله تعالى ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ ):
" سَنُحَاسِبُكُمْ، لَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ. وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يُقَالُ: لَأَتَفَرَّغَنَّ لَكَ وَمَا بِهِ شُغْلٌ يَقُولُ لَآخُذَنَّكَ عَلَى غِرَّتِكَ " اهـ



و في هذه الآية وعيد شديد، إذا وقف عندها المرأ - حقيقة - استقام حاله بإذن الله. بدلا من أن يتحدلق هل الله مشغول الآن أم ماذا ؟ كما يفعل البعض.



و  كان ابن عباس يقول: " وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ لِلْعِبَادِ ، وَلَيْسَ بِاللَّهِ شُغُلٌ ، وَهُوَ فَارِغٌ ".(1)




يقول ابن أبي شيبة في " المصنف ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : " يَا بَنِي آدَمَ ، إنَّا قَدْ أَنْصَتْنَا لَكُمْ مُنْذُ خَلَقْتُكُمْ إلَى يَوْمِكُمْ هَذَا ، فَأَنْصِتُوا لَنَا تُقْرَأُ أَعْمَالُكُمْ عَلَيْكُمْ ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ ، وَمِنْ وَجَدَ شَرًّا فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ ، فَإِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ نَرُدُّهَا عَلَيْكُمْ ". اهـ



ربنا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا.



هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله  وصحبه وسلم.
___________
1 – من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس [تفسير الطبري]



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق