الجمعة، 21 نوفمبر 2014

تَفْسِيرُ قَتَادَة / سُورَةُ آلِ عِمْرَان [ 161 - 170 ]

سورة آل عمران [ 161 - 170 ]






[سورة آل عمران]






قوله تعالى ( وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يغلَّ (1) وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )

802 - قال عبد الرزاق " 475 ":
أنا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُغَلَّ} [آل عمران: 161] قَالَ: أَيْ: يَغُلَّهُ أَصْحَابُهُ ، {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161].

803 - و قال الطبري " 8152 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَوْلهُ: " وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُغَلَّ "، يَقُولُ: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّهُ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ مَعَهُ مِنَ المُؤْمِنِينَ. ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الآيَة نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدْ غَلَّ طَوَائِفٌ مِنْ أَصْحَابِهِ (2).




قوله تعالى ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ )

804 - قال الطبري " 8177 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَوْلهُ: " لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ "، مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ وَلاَ رَغْبَةٍ مِنْ هَذِهِ الأُمَّة، جَعَلَهُ اللهُ رَحْمَةً لَهُمْ لِيُخْرِجَهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَيَهْدِيَهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: " وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ "، الحِكْمَة، السُّنَّةُ. " وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ "، لَيْسَ وَاللهِ كَمَا تَقُولُ أَهْلُ حَرُورَاء: " مِحْنَةٌ غَالِبَةٌ، مَنْ أَخْطَأَهَا أُهْرِيقَ دَمُهُ " (3)، وَلَكِنَّ اللهَ بَعَثَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْمٍ لاَ يَعْلَمُونَ فَعَلَّمَهُمْ، وَإِلَى قَوْمٍ لاَ أَدَبَ لَهُمْ فَأَدَّبَهُمْ.

805 - و قال ابن أبي حاتم " 4463 ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ، ثنا يَزِيدُ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) قَالَ: مَنُّ اللَّهِ عَظِيمٌ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ وَلا رَغْبَةٍ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، جَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لَهُمْ لِيُخْرِجَهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطِ مُسْتَقِيمٍ.




قوله تعالى ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا )

806 - قال عبد الرزاق " 480 ":
أنا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، قَالَ: «أُصِيبَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ أُحُدٍ مُصِيبَةً ، فَكَانُوا قَدْ أَصَابُوا مِثْلَيْهَا يَوْمَ بَدْرٍ مِمَّنْ قَتَلُوا وَأَسَرُوا». فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عمران: 165].

807 - و قال الطبري " 8179 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَوْلهُ: " أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا "، أُصِيبُوا يَوْمَ أُحُدٍ، قُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ يَوْمَئِذٍ، وَأَصَابُوا مِثْلَيْهَا يَوْمَ بَدْرٍ، قَتَلُوا مِنَ المُشْرِكِينَ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ. 




قوله تعالى ( الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ) (4)

808 - قال الطبري " 8200 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَوْلهُ: " الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا " الآيَة، ذُكِرَ لَنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَدُوِّ اللهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيّ.




قوله تعالى (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (5)

809 - قال عبد الرزاق " 481 ":
أنا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [آل عمران: 169] قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ أَرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ فِي صُوَرِ طَيْرٍ بِيضٍ تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ .

810 - و قال الطبري " 8215 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: يَا لَيْتَنَا نَعْلَمُ مَا فَعَلَ إِخْوَانُنَا الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ أُحُدٍ! فَأَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي ذَلِكَ القُرْآن: " وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ". كُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّ أَرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ تَعَارَفُ فِي طَيْرٍ بِيضٍ تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِ الجَنَّةِ، وَأَنَّ مَسَاكِنَهُمُ السِّدْرَةَ.



قوله تعالى ( فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ )

811 - قال الطبري " 8226 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْلهُ: " وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ " الآيَة، يَقُولُ: لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فَارَقُوهُمْ عَلَى دِينِهِمْ وَأَمْرِهِمْ، لَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ مِنَ الكَرَامَةِ وَالفَضْلِ وَالنَّعِيمِ الَّذِي أَعْطَاهُمْ.




[يتبع بإذن الله]
_______
1/ جاء في " المعجم الوسيط ": الغِلُّ : العداوةُ والحِقدُ الكامن . اهـ و يقال الغل: الغش و الخيانة. 
و اختلفوا في القراءة: فمنهم من قرأها بفتح الياء و ضم الغين " يَغُلَّ ". قال مجاهد في قوله:"ما كان لنبي أن يغل"، قال: أَنْ يَخُونَ. [الطبري 8150 بسند صحيح]. و في قراءة بضم الياء و فتح الغين " يُغَلَّ " و على هذه القراءة يحمل قول قتادة و كذلك الحسن أنه كان يقرأ:"وما كان لنبيّ أن يُغَل" قال: أَنْ يُخَانَ. [ الطبري 8151 يسند صحيح].
2/ الصحبة هنا - و الله أعلم - بالمعنى اللغوي، كما في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، " لما قال عبد الله بن أبي بن سلول: والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. قال النبي صلى الله عليه وسلم " دَعْهُ لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ " - [ صحيح البخاري 1863 كتاب تفسير القرآن/ سورة المنافقين ].
3/ أهل حروراء: يريد الخوارج. 
و أما قولهم " مِحْنَةٌ غَالِبَةٌ، مَنْ أَخْطَأَهَا أُهْرِيقَ دَمُهُ "، فقد سألت أخي عبد الله الخليفي – وفقه الله – عن المراد بالمحنة ؟ فقال : " الظاهر يريد قولهم بأن الحجة قائمة والدماء مباحة قبل إرسال الرسل ".اهـ  و لعل هذا هو الأصل الذي بنو عليه مذهبهم في التكفير، فلا غرابة أنهم لا يتورعون عن سفك الدماء.  يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى 19/71 ": " الفرق الثاني في الخوارج : أنهم يكفرون بالذنوب والسيئات. ويترتب على تكفيرهم بالذنوب استحلال دماء المسلمين وأموالهم، وأن دار الإسلام دار حرب، ودارهم هي دار الإيمان. وكذلك يقول جمهور الرافضة، وجمهور المعتزلة، والجهمية، وطائفة من غلاة المنتسبة إلى أهل الحديث والفقه ومتكلميهم. فهذا أصل البدع التي ثبت بنص سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع السلف أنها بدعة، وهو جعل العفو سيئة وجعل السيئة كفرًا. " اهـ
4/ في هذه الآية الرد على القدرية النفاة. يقول ابن أبي حاتم في " تفسيره 4484 ": أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قِرَاءَةً، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ فِي الْقَدَرِيَّةِ الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا: لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا.اهـ (( نافع هو ابن يزيد الكلاعي [زيد خطأ]. و ابن شهاب هو الزهري رحمه الله ))
5/ يقول سعيد بن منصور في " التفسير 539 ": نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [آل عمران: 169] ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: " أَرْوَاحُهُمْ كَطَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ فِي أَيِّهَا شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ اطِّلَاعَةً، فَقَالَ لَهُمْ: سَلُونِي مَا شِئْتُمْ، قَالُوا: يَا رَبَّنَا، مَاذَا نَسْأَلُكَ وَنَحْنُ فِي الْجَنَّةِ نَسْرَحُ فِي أَيِّهَا شِئْنَا؟ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ اطِّلَاعَةً، فَقَالَ لَهُمْ: سَلُونِي مَا شِئْتُمْ، قَالُوا: يَا رَبَّنَا، وَمَاذَا نَسْأَلُكَ، وَنَحْنُ فِي الْجَنَّةِ نَسْرَحُ فِي أَيِّهَا شِئْنَا؟ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا إِلَّا أَنْ يَسْأَلُوا، قَالُوا: نَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُمْ لَا يَسْأَلُونَ إِلَّا هَذَا تُرِكُوا ". اهـ (( عبد الله هو ابن عمر و ليس ابن مسعود رضي الله عنهما، كما جاء مصرحا عند عبد الرزاق في " تفسيره 482 " : أنا الثَّوْرِيُّ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ: سَأَلْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] ... الحديث. ))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق