سورة النساء [ 41 - 50 ]
[سورة النساء]
قوله تعالى (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ
الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ
اللَّهَ حَدِيثًا)
934 - قال
ابن أبي حاتم " 5347 ":
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ
بْنُ الْمُغِيرَةِ، أَنْبَأَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ:
يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ
الأَرْضُ يَقُولُ: وَدُّوا لَوِ انْخَرَقَتِ الأَرْضُ فَسَاخُوا فِيهَا وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً. (1)
قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ
)
935 - قال
عبد الرزاق " 591 ":
نا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي
قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ ، وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء:
43] قَالَ: «كَانُوا يَجْتَنِبُونَ السُّكْرَ عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَاةِ ، ثُمَّ نُسِخَتْ
لِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ».
قوله تعالى ( وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ
عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ )
936 - قال
عبد الرزاق " 592 ":
نا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ،
وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا
عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] قَالَ: «هُوَ الرَّجُلُ يَكُونُ فِي السَّفَرِ، فَتُصِيبُهُ
الْجَنَابَةُ، فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي».
قوله تعالى ( وَإِن كُنتُم مَّرْضَى
أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَائِطِ )
937 - قال
سعيد بن منصور في " التفسير 637 ":
نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قُلْنَا لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ(2)
فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ
أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً
فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] ، قُلْتُ: مَا رُخْصَةُ الْمَرِيضِ
هَاهُنَا؟ قَالَ: «إِذَا كَانَتْ بِهِ قُرُوحٌ، أَوْ جُرُوحٌ، أَوْ كَبُرَ عَلَيْهِ
الْمَاءُ، يَتَيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ».
قوله تعالى ( أَوْ لامَسْتُمُ
(3) النِّسَاء )
938 - قال
الطبري " 9605 ":
حَدَّثَنَا بِشْر بَنْ مُعَاذ قَالَ:
حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة وَالحَسَنْ قَالاَ: غشيَانُ
النِّسَاءِ.
قوله تعالى ( فَلَمْ تَجِدُواْ
مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ
)
939 - قال
الطبري " 9644 ":
حَدَّثَنَا بِشْر بَنْ مُعَاذ قَالَ:
حَدَّثَنَا يَزِيد بَنْ زُرَيْع قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة:"صَعِيدًا
طَيِّبًا"، قَالَ: الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ وَلاَ نَبَاتٌ.
940 - و قال ابن أبي حاتم
" 5378 ":
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ
بْنُ الْمُغِيرَةِ، أَنْبَأَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ:
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ فَإِنْ أَعْيَاكَ الْمَاءُ، فَلا يُعْيِيكَ
الصَّعِيدُ أَنْ تَضَعَ فِيهِ كَفَّكَ، ثُمَّ تَنْفُضْهُمَا، فَتَمَسَّحَ بِهِمَا وَجْهَكَ
وَكَفَّيْكَ، وَلا بَعْدَ ذَلِكَ لِغُسْلِ جَنَابَةٍ وَلا لِوُضُوءِ صَلاةٍ، فَمَنْ
تَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ وَصَلَّى ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ بَعْدُ. فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ
وَحَسَبُهُ صَلاتَهُ الَّتِي كَانَ صَلَّى.
قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ
أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ)
941 - قال
الطبري " 9687 ":
حَدَّثَنَا بِشْر بَنْ مُعَاذ قَالَ:
حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَوْلهُ: " أَلَمْ تَرَ
إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ
أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ"، فَهُمْ أَعْدَاءُ اللهِ اليَهُودُ، اشْتَرَوْا الضَّلاَلَةَ.
942 - و قال
ابن أبي حاتم " 5385 ":
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي
الرَّبِيعِ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ:
اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ قَالَ: اسْتَحَبُّوا الضَّلالَةَ.
قوله تعالى ( مِّنَ الَّذِينَ
هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ (4) وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا
وَعَصَيْنَا (5) وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ (6) وَرَاعِنَا لَيًّا
بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ )
943 - قال
عبد الرزاق " 595 ":
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، قَالَ:
كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ لِلنَّبِيِّ: «رَاعِنَا سَمْعَكَ ، يَسْتَهْزِئُونَ بِذَلِكَ
، وَكَانَتْ فِي الْيَهُودِ قَبِيحَةً» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَرَاعِنَا لَيًّا
بِأَلْسِنَتِهِمْ} [النساء: 46] ، وَاللَّيُّ تَحْرِيكُهُمْ أَلْسِنَتَهُمْ بِذَلِكَ
، وَطَعْنًا فِي الدِّينِ.
قوله تعالى ( وَلَوْ أَنَّهُمْ
قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا (7) لَكَانَ خَيْرًا
لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ
قَلِيلاً )
944 - قال
عبد الرزاق " 598 ":
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي
قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 46] لَا يُؤْمِنُ
مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ.
قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ
أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا
أَصْحَابَ السَّبْتِ )
945 - قال
عبد الرزاق " 596 ":
أنا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي
قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} [النساء: 47] قَالَ: يُحَوِّلُ
وُجُوهَهُمْ قِبَلَ ظُهُورِهِمْ ، {أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ}
[النساء: 47] قَالَ: يَقُولُ: «أَوْ نَجْعَلُهُمْ قِرَدَةً».
قوله تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ
فَتِيلاً )
946 - قال
الطبري " 9733 ":
حَدَّثَنَا بِشْر بَنْ مُعَاذ قَالَ:
حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَوْلهُ: "أَلَمْ تَرَ
إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ
فَتِيلاَ"، وَهُمْ أَعْدَاءُ اللهِ اليَهُودُ، زَكُّوا أَنْفُسَهُمْ بِأَمْرٍ
لَمْ يَبْلُغُوهُ، فَقَالُوا: "نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ".
وَقَالُوا: "لاَ ذُنُوبَ لَنَا".
947 - و قال
عبد الرزاق " 600 ":
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي
قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 49] قَالَ: «الْفَتِيلُ
الَّذِي فِي شَقِّ النَّوَاةِ».
قوله تعالى ( انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ
عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا )
948 - قال
ابن أبي حاتم " 5438 ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى،
أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا
سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ: (يَفْتَرُونَ) أَيْ: يُشْرِكُونَ.
[يتبع بإذن الله]
______
1/ يروى عن ابن عباس أنه قال : " أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَيَغْفِرُ الذُّنُوبَ، وَلَا يَغْفِرُ شِرْكًا، وَلَا يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ جَحَدَ الْمُشْرِكُونَ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ، رَجَاءَ أَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ، فَخَتَمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، وَتَكَلَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ: {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوَا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: 42] ". اهـ
2/ذِكر سعيد بن جبير كأنه وهم أو خطأ في قراءة المخطوطة، فقد صرح الأئمة بعدم سماع قتادة من سعيد بن جبير. قال أحمد: " لم يسمع قتادة من عبد الله بن الحارث الهاشمي شيئا لأنه قديم سمع منه عوف، ولم يسمع من مجاهد بينهما أبو الخليل، ولا من سعيد بن جبير يقول كتب إلي سعيد بن جبير ". [جامع التحصيل ص 225]. يقول الطبري في " تفسيره 9573 ": حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن جبير في قوله:"وإن كنتم مرضى"، قال: إذا كان به جروح أو قُروح يتيمم ".اهـ و هذا أصح.
3/ يقول الطبري في " تفسيره 9581 ": حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير قال: ذكروا اللمس، فقال ناس من الموالي: ليس بالجماع. وقال ناس من العرب: اللمس الجماع. قال: فأتيت ابن عباس فقلت: إنّ ناسًا من الموالي والعرب اختلفوا في"اللمس"، فقالت الموالي: ليس بالجماع، وقالت العرب: الجماع. قال: من أيّ الفريقين كنت؟ قلت: كنت من الموالي. قال: غُلِب فريق الموالي، إن"المس" و"اللمس"، و"المباشرة": الجماع، ولكن الله يكني ما شاء بما شاء". اهـ و قال سعيد بن منصور في " التفسير 639 ": نا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «الْقُبْلَةُ مِنَ اللَّمْسِ، وَمِنْهَا الْوُضُوءُ». اهـ و قال الطبري في "تفسيره 9617 ": حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني عبيد الله بن عمر، عن نافع: أن ابن عمر كان يتوضأ من قُبْلة المرأة، ويرى فيها الوضوء، ويقول: هي من اللِّماس".اهـ و لعله يريد القبلة التي تكون بشهوة، بخلاف القبلة العادية. فقد خرج ابن أبي شيبة في " مصنفه " قال: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَوَضَّأَ فَقَبَّلَ بُنَيَّةً لَهُ فَدَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ ". اهـ وإذا كان تقبيل المرأة (بشهوة) يوجب وضوءا فتقبيل الصبيّة (بغير شهوة) يوجب مضمضة. و الله أعلم.
يقول ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" و قد سئل عن لمس النساء هل ينقض الوضوء أم لا ؟ قال: " الْحَمْدُ لِلَّهِ. أَمَّا نَقْضُ الْوُضُوءِ بِلَمْسِ النِّسَاءِ فَلِلْفُقَهَاءِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: طَرَفَانِ وَوَسَطٌ .
أَضْعَفُهَا: أَنَّهُ يَنْقُضُ اللَّمْسُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِشَهْوَةِ إذَا كَانَ الْمَلْمُوسُ مَظِنَّةً لِلشَّهْوَةِ . وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: { أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ } وَفِي الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى: أَوْ لَمَسْتُمْ. الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ اللَّمْسَ لَا يَنْقُضُ بِحَالِ وَإِنْ كَانَ لِشَهْوَةِ . كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ. وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ يَذْكُرُ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَد؛ لَكِنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِهِ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَالْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ: أَنَّ اللَّمْسَ إنْ كَانَ لِشَهْوَةِ نَقَضَ وَإِلَّا فَلَا.
وَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ مُتَوَجِّهٌ إلَّا هَذَا الْقَوْلُ أَوْ الَّذِي قَبْلَهُ. فَأَمَّا تَعْلِيقُ النَّقْضِ بِمُجَرَّدِ اللَّمْسِ فَهَذَا خِلَافُ الْأُصُولِ وَخِلَافُ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَخِلَافُ الْآثَارِ. وَلَيْسَ مَعَ قَائِلِهِ نَصٌّ وَلَا قِيَاسٌ. فَإِنْ كَانَ اللَّمْسُ فِي قَوْله تَعَالَى أَوْ لَمَسْتُمْ النِّسَاءَ إذَا أُرِيدَ بِهِ اللَّمْسُ بِالْيَدِ وَالْقُبْلَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ - كَمَا قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ -: فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ حَيْثُ ذُكِرَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ مَا كَانَ لِشَهْوَةِ مِثْلَ قَوْلِهِ فِي آيَةِ الِاعْتِكَافِ: { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } وَمُبَاشَرَةُ الْمُعْتَكِفِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُبَاشَرَةِ لِشَهْوَةِ . وَكَذَلِكَ الْمُحْرِمُ - الَّذِي هُوَ أَشَدُّ - لَوْ بَاشَرَ الْمَرْأَةَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بِهِ دَمٌ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: { ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ } وَقَوْلُهُ: { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } فَإِنَّهُ لَوْ مَسَّهَا مَسِيسًا خَالِيًا مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ لَمْ يَجِبْ بِهِ عِدَّةٌ وَلَا يَسْتَقِرُّ بِهِ مَهْرٌ؛ وَلَا تَنْتَشِرُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ: بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَسَّ الْمَرْأَةَ لِشَهْوَةِ وَلَمْ يَخْلُ بِهَا وَلَمْ يَطَأْهَا: فَفِي اسْتِقْرَارِ الْمَهْرِ بِذَلِكَ نِزَاعٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ . فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ لَمَسْتُمْ النِّسَاءَ يَتَنَاوَلُ اللَّمْسَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِشَهْوَةِ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ اللُّغَةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْقُرْآنُ بَلْ وَعَنْ لُغَةِ النَّاسِ فِي عُرْفِهِمْ فَإِنَّهُ إذَا ذُكِرَ الْمَسُّ الَّذِي يُقْرَنُ فِيهِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ عُلِمَ أَنَّهُ مَسُّ الشَّهْوَةِ كَمَا أَنَّهُ إذَا ذُكِرَ الْوَطْءُ الْمَقْرُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ عُلِمَ أَنَّهُ الْوَطْءُ بِالْفَرْجِ لَا بِالْقَدَمِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ: إنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّقٌ بِلَمْسِ النِّسَاءِ مُطْلَقًا؛ بَلْ بِصِنْفِ مِنْ النِّسَاءِ وَهُوَ مَا كَانَ مَظِنَّةَ الشَّهْوَةِ. فَأَمَّا مَسُّ مَنْ لَا يَكُونُ مَظِنَّةً - كَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَالصَّغِيرَةِ - فَلَا يُنْقَضُ بِهَا. فَقَدْ تَرَكَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الظَّاهِرِ وَاشْتَرَطَ شَرْطًا لَا أَصْلَ لَهُ بِنَصِّ وَلَا قِيَاسٍ؛ فَإِنَّ الْأُصُولَ الْمَنْصُوصَةَ تُفَرِّقُ بَيْنَ اللَّمْسِ لِشَهْوَةِ وَاللَّمْسِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَلْمُوسُ مَظِنَّةَ الشَّهْوَةِ أَوْ لَا يَكُونَ وَهَذَا هُوَ الْمَسُّ الْمُؤَثِّرُ فِي الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا؛ كَالْإِحْرَامِ وَالِاعْتِكَافِ وَالصِّيَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ هَذَا الْقَوْلُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَلَا الْقِيَاسُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ. وَأَمَّا مَنْ عَلَّقَ النَّقْضَ بِالشَّهْوَةِ فَالظَّاهِرُ الْمَعْرُوفُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ دَلِيلٌ لَهُ؛ وَقِيَاسُ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ دَلِيلٌ. وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّمْسَ نَاقِضًا بِحَالِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ اللَّمْسَ إنَّمَا أُرِيدَ بِهِ الْجِمَاعُ؛ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ } وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ. وَفِي السُّنَنِ: أَنَّ النَّبِيَّ { قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ ؛ } لَكِنْ تُكُلِّمَ فِيهِ.
وَأَيْضًا فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَسَّ النَّاسِ نِسَاءَهُمْ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَمَسُّ امْرَأَتَهُ ؛ فَلَوْ كَانَ هَذَا مِمَّا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ لَكَانَ النَّبِيُّ بَيَّنَهُ لِأُمَّتِهِ؛ وَلَكَانَ مَشْهُورًا بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاةِ يَدِهِ لِامْرَأَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا نَقَلَ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ : فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ قَوْلٌ بَاطِلٌ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ". اهـ
4/ قال مجاهد: تبديل اليهود التوراة. [تفسير الطبري 9691].
5/ قال مجاهد: سَمِعْنَا مَا تَقُولُ وَلا نُطِيعُكَ. [تفسير ابن أبي حاتم 5392].
6/ قال مجاهد: (غَيْرَ مُسْمَعٍ) غَيْرَ مَقْبُولٍ مَا تَقُولُ.[تفسير ابن أبي حاتم 5395].
7/ قال مجاهد: (انْظُرْنَا)، أَفْهِمْنَا. [تفسيرا ابن أبي حاتم5407].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق