الحمد لله و الصلاة و السلام
على رسول الله و بعد،
يقول ابن الأثير في
" الكامل ص 170/169 ":
" ثُمَّ
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَسِيرَ بِبَنِي
إِسْرَائِيلَ إِلَى أَرِيحَا بَلَدِ الْجَبَّارِينَ ، وَهِيَ أَرْضُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ
، فَسَارُوا حَتَّى كَانُوا قَرِيبًا مِنْهُمْ ، فَبَعَثَ مُوسَى اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا
مِنْ سَائِرِ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَسَارُوا لِيَأْتُوا بِخَبَرِ الْجَبَّارِينَ
، فَلَقِيَهُمْ رَجُلٌ مِنَ الْجَبَّارِينَ يُقَالُ لَهُ عَوْجُ بْنُ عِنَاقٍ فَأَخَذَ
الِاثْنَيْ عَشَرَ فَحَمَلَهُمْ وَانْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ : انْظُرِي
إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَقْتُلُونَا
، وَأَرَادَ أَنْ يَطَأَهُمْ بِرِجْلِهِ ، فَمَنَعَتْهُ امْرَأَتُهُ ، وَقَالَتْ :
أَطْلِقْهُمْ لِيَرْجِعُوا وَيُخْبِرُوا قَوْمَهُمْ بِمَا رَأَوْا ، فَفَعَلَ ذَلِكَ
، فَلَمَّا خَرَجُوا قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : إِنَّكُمْ إِنْ أَخْبَرْتُمْ بَنِي
إِسْرَائِيلَ بِخَبَرِ هَؤُلَاءِ لَا يَقْدَمُوا عَلَيْهِمْ ، فَاكْتُمُوا الْأَمْرَ
عَنْهُمْ ، وَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ وَرَجَعُوا ، فَنَكَثَ عَشَرَةٌ مِنْهُمُ الْعَهْدَ
وَأَخْبَرُوا بِمَا رَأَوْا ، وَكَتَمَ رَجُلَانِ مِنْهُمْ ، وَهَمَا : يُوشَعُ بْنُ
نُونٍ ، وَكَالَبُ بْنُ يُوفَنَّا خَتَنُ مُوسَى ، وَلَمْ يُخْبِرُوا إِلَّا مُوسَى
وَهَارُونَ ، فَلَمَّا سَمِعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْخَبَرَ عَنِ الْجَبَّارِينَ امْتَنَعُوا
عَنِ الْمَسِيرِ إِلَيْهِمْ .
فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى : (يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ
الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ
فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا
لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ
قَالَ رَجُلَانِ) - وَهُمَا يُوشَعُ ، وَكَالَبُ - (مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ
اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ
غَالِبُونَ قَالُوا يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا
فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) .
فَغَضِبَ مُوسَى ، فَدَعَا
عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : (رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) ، وَكَانَتْ عَجَلَةً مِنْ مُوسَى . فَقَالَ
اللَّهُ تَعَالَى : (فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ
فِي الْأَرْضِ) . فَنَدِمَ مُوسَى حِينَئِذٍ .
فَقَالُوا لَهُ : فَكَيْفَ لَنَا بِالطَّعَامِ
؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى .
فَأَمَّا الْمَنُّ فَقِيلَ
هُوَ كَالصَّمْغِ وَطَعْمُهُ كَالشَّهْدِ يَقَعُ عَلَى الْأَشْجَارِ ، وَقِيلَ : هُوَ
التَّرَنْجَبِينُ ، وَقِيلَ : هُوَ الْخُبْزُ الرِّقَاقُ ، وَقِيلَ : هُوَ عَسَلٌ كَانَ
يَنْزِلُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ صَاعٌ ، وَأَمَّا السَّلْوَى فَهُوَ طَائِرٌ يُشْبِهُ السُّمَانَى
. فَقَالُوا : أَيْنَ الشَّرَابُ ؟ فَأَمَرَ مُوسَى فَضَرَبَ بِعَصَاهُ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ
مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا لِكُلِّ سِبْطٍ عَيْنٌ . فَقَالُوا : أَيْنَ الظِّلُّ
؟ فَظَلَّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ فَقَالُوا : أَيْنَ اللِّبَاسُ ؟ فَكَانَتْ ثِيَابُهُمْ
تَطُولُ مَعَهُمْ وَلَا يَتَمَزَّقُ لَهُمْ ثَوْبٌ . ثُمَّ قَالُوا : (يَامُوسَى لَنْ
نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ
الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ
أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ
لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ ).
فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ
التِّيهِ رُفِعَ عَنْهُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى . " اهـ
يقول الطبري في "
تفسيره 11696 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ،
حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ:
"إِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً"، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ
القُرَى، فَكَانُوا لاَ يَهْبِطُونَ قَرْيَةً وَلاَ يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ، إِنَّمَا
يَتَّبِعُونَ الأَطْوَاءَ أَرْبَعِينَ سَنَة. وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ فِي الأَرْبَعِينَ سَنَة، وَأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بَيْتَ
المقْدِسِ مِنْهُمْ إِلاَّ أَبْنَاؤُهُمْ وَالرَّجُلاَنِ اللَّذَانِ قَالاَ مَا قَالاَ.
اهـ
و الأطواء جمع الطوى. و
هي ثِنْيٌ، كالعُقدة في ذنب الجرادة. [المعجم الوسيط]،
و لعل هذا هو شكل التيه
الذي دخلوا فيه. و الله أعلم.
يقول الطبري في "
تفسيره 11701 ":
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بَنْ عَمْرُو قَالَ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ، حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنْ ابْن أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَرْبَعِينَ سَنَة، يُصْبِحُونَ حَيْثُ أَمْسَوا، وَيُمْسُونَ حَيْثُ أَصْبَحُوا فِي تِيهِهِمْ.اهـ
و قال عبد الرزاق في
" تفسيره 754 " :
عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ
طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، «أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ تَشُبُّ مَعَهُمْ ثِيَابُهُمْ
إِذَا كَانُوا صِغَارًا فِي تِيهِهِمْ لَا تَبْلَى».
هذا و صل اللهم على نبينا
محمد و على آله و صحبه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق