سورة الأنعام [ 61 - 70 ]
[سورة الأنعام]
قوله تعالى ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الموْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ )
1282 - قال الطبري " 13324
".
حَدَّثَنَا بِشْر بَنْ مُعَاذ قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد بَنْ
زُرَيْع قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَوْلهُ: "وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ
وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الموْتُ تَوَفَّتْهُ
رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ"، يَقُولُ: حَفَظَةً، يَا ابْنَ آدَم، يَحْفَظُونَ
عَلَيْكَ عَمَلَكَ وَرِزْقَكَ وَأَجَلَكَ، إِذَا تَوَفَّيْتَ ذَلِكَ قُبِضْتَ إِلَى
رَبِّكَ . "حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الموْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ
لاَ يُفَرِّطُونَ "، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ رَبَّكُمْ يَحْفَظُكُمْ
بِرُسُلٍ يُعَقِّبُ بَيْنَهَا، يُرْسِلُهُمْ إِلَيْكُمْ بِحِفْظِكُمْ وَبِحِفْظِ أَعْمَالِكُمْ،
إِلَى أَنْ يَحْضُرَكُمُ الموْتُ، وَيَنْزِلَ بِكُمْ أَمْرُ اللهِ، فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ
أَحَدَكُمْ، تَوَفَّاهُ أَمْلاَكُنَا المُوَكَّلُونَ بِقَبْضِ الأَرْوَاحِ، وَرُسُلُنَا
المرْسَلُونَ بِهِ. "وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ"، فِي ذَلِكَ فَيُضَيِّعُونَهُ.
1283 - و قال عبد الرزاق "
807 ":
عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَوَفَّتْهُ
رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: 61] قَالَ: " تَلِي قَبْضَتَهَا
الرُّسُلُ ، ثُمَّ تَرْفَعُهَا إِلَيْهِ ، يَقُولُ: إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ
". (1)
قوله تعالى ( قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
)
1284 - قال ابن أبي حاتم "
7391 ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ
بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ: (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ
مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) يَقُولُ: مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ كَرْبِ الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ.
قوله تعالى ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا
مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا (2)
وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ )
1285 - قال الطبري " 13364
":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنا
سَعِيد، عَنْ قَتَادَة: "قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا"،
الآيَة. ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى
ذَاتَ يَوْمٍ الصُّبْحَ فَأَطاَلَهَا، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ: يَا نَبِيَّ اللهِ،
لَقَدْ صَلَّيْتَ صَلاَةً مَا كُنْتَ تُصَلِّيهَا؟ قَالَ: إِنَّهَا صَلاَةُ رَغْبَةٍ
وَرَهْبَةٍ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي فِيهَا ثَلاَثًا، سَأَلْتُهُ أَنْ لاَ يُسَلِّطَ
عَلَى أُمَّتِي عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَيُهْلِكَهُمْ، فَأَعْطَانِيهَا. وَسَأَلْتُهُ
أَنْ لاَ يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِي السَّنَة، فَأَعْطَانِيهَا. وَسَأَلْتُهُ أَنْ لاَ
يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا وَلاَ يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ، فَمَنَعَنِيهَا.
قوله تعالى ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ )
1286 - قال عبد الرزاق " 816
":
عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَعْرِضْ
عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام: 68] ، قَالَ: «نَهَاهُ
اللَّهُ أَنْ يَجْلِسَ مَعَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ يُكَذِّبُونَ
بِهَا ، فَإِنْ نَسِيَ فَلَا يَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ».
قوله تعالى ( وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا
وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا )
1287 - قال عبد الرزاق " 817
":
عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {وَذَرِ الَّذِينَ
اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا} [الأنعام: 70] نَسَخَهَا قَوْلُهُ تَعَالَى:
{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5].
قوله تعالى ( وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ
لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ )
1288 - قال ابن أبي حاتم "
7454 ":
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ، أنا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: (أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ) يَقُولُ: تُؤْخَذَ
تُحْبَسَ.
قوله تعالى ( وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ
الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ
بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ )
1289 - قال عبد الرزاق " 818
":
عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ
تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا} [الأنعام: 70] قَالَ: «لَوْ جَاءَ بِمِلْءِ
الْأَرْضِ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا».
1290 - و قال ابن أبي حاتم "
7455 ":
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ، أنا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذُ
مِنْهَا) قال: لَوْ جَاءَتْ بِمِلْءِ الأَرْضِ ذَهَبًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا.
[يتبع بإذن الله]
_______
1/ يقول ابن أبي حاتم " 7386 " حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا) قَالَ: الرُّسُلُ تَتَوَفَّى الأَنْفُسَ ثُمَّ يذْهَبُ بِهَا مَلَكُ الْمَوْتِ.اهـ و ذهب الكلبي إلى أن ملك الموت هو الذي يفعل ذلك. يقول عبد الرزاق في " تفسيره 808 ": قَالَ مَعْمَرٍ ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ «إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ هُوَ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ ، فَيَرْفَعُهُ إِنْ كَانَ مُؤْمِنًا إِلَى مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا إِلَى مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ». و الراجح الأول، فإن الرسل تتوفا الأنفس و ملك الموت يقبضها منهم و الله أعلم.
يقول ابن أبي شيبة في " المصنف ": حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ : أَتَى مَلَكُ الْمَوْتِ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُد ، وَكَانَ لَهُ صَدِيقًا ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ : مَا لَك تَأْتِي أَهْلَ الْبَيْتِ فَتَقْبِضُهُمْ جَمِيعًا وَتَدَعُ أَهْلَ الْبَيْتِ إلَى جَنْبِهِمْ لَا تَقْبِضُ مِنْهُمْ أَحَدًا ، قَالَ : مَا أَعْلَمُ بِمَا أَقْبِضُ مِنْهَا ، إنَّمَا أَكُونُ تَحْتَ الْعَرْشِ فَتُلْقَى إلَيَّ صِكَاكٌ فِيهَا أَسْمَاءٌ.اهـ و قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ : دَخَلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إلَى سُلَيْمَانَ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إلَى رَجُلٍ مِنْ جُلَسَائِهِ يُدِيمُ النَّظَرَ إلَيْهِ ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ الرَّجُلُ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ ، قَالَ : رَأَيْته يَنْظُرُ إلَيَّ كَأَنَّهُ يُرِيدُنِي ، قَالَ : فَمَا تُرِيدُ ؟ قَالَ : أُرِيدُ أَنْ تَحْمِلَنِي عَلَى الرِّيحِ حَتَّى تُلْقِيَنِي بِالْهِنْدِ ، قَالَ : فَدَعَا بِالرِّيحِ فَحَمَلَهُ عَلَيْهَا فَأَلْقَتْهُ فِي الْهِنْدِ ، ثُمَّ أَتَى مَلَكُ الْمَوْتِ سُلَيْمَانَ فَقَالَ : إنَّك كُنْت تُدِيمُ النَّظَرَ إلَى رَجُلٍ مِنْ جُلَسَائِي ؟ قَالَ : كُنْت أَعْجَبُ مِنْهُ ، أُمِرْت أَنْ أَقْبِضَهُ بِالْهِنْدِ وَهُوَ عِنْدَك .اهـ
يقول الطبري في " تفسيره ": " فإن قال قائل: أو ليس الذي يقبض الأرواح ملك الموت، فكيف قيل:"توفته رسلنا"،"والرسل" جملة وهو واحد؟ أو ليس قد قال: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) [سورة السجدة: 11] ؟. قيل: جائز أن يكون الله تعالى ذكره أعان ملك الموت بأعوان من عنده، فيتولون ذلك بأمر ملك الموت، فيكون "التوفي" مضافًا، ء وإن كان ذلك من فعل أعوان ملك الموت ء إلى ملك الموت. إذ كان فعلهم ما فعلوا من ذلك بأمره، كما يضاف قتلُ من قتل أعوانُ السلطان وجلدُ من جلدوه بأمر السلطان، إلى السلطان، وإن لم يكن السلطان باشر ذلك بنفسه، ولا وليه بيده ". اهـ و هذا كلام جيد في فهم المسألة. و قد روي عن مجاهد أنه قال: «جُعِلَتِ الْأَرْضُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ مِثْلَ الطَّسْتِ يَتَنَاوَلُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ ، وَجُعِلَتْ لَهُ أَعْوَانٌ يَتَوَفَّوْنَ الْأَنْفُسَ ، ثُمَّ يَقْبِضُهَا مِنْهُمْ». و الله أعلم.
2/ يقول الطبري في " تفسيره 13353 ": حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"أو يلبسكم شيعًا"، قال: ما كان منكم من الفتن والاختلاف.اهـ و قال 13354 ": حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "أو يلبسكم شيعًا"، قال: الذي فيه الناس اليوم من الاختلاف، والأهواء، وسفك دماء بعضهم بعضًا.اهـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق