السبت، 23 مايو 2015

تَفْسِيرُ قَتَادَة / سُورَةُ الأَنْعَام [ 71 - 80 ]

سورة الأنعام [ 71 - 80 ]







[سورة الأنعام]







قوله تعالى ( قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ )

1291 - قال الطبري " 13428 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَوْلهُ:"قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنْفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا"، حَتَّى بَلَغَ "لِنُسْلِمَ لِرَبِّ العَالَمِينَ"، عَلَّمَهَا اللهُ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابهُ، يُخَاصِمُونَ بِهَا أَهْلَ الضَّلاَلَةِ.






قوله تعالى ( كالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا )

1292 - قال عبد الرزاق " 819 ":
عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ} [الأنعام: 71] ، قَالَ: «أَضَلَّتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ».






قوله تعالى ( قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )

1293 - قال ابن أبي حاتم " 7476 ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: (قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)، خُصُومَةٌ عَلَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ، يُخَاصِمُونَ بِهَا أَهْلَ الضَّلالَةِ.






قوله تعالى ( كَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ )(1)

1294 - قال الطبري " 13442 ":
حَدَّثَنَا بِشْر بَنْ مُعَاذ قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة: " وكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ"، أَيْ: خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض. "وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ".

1295 - و قال عبد الرزاق " 821 ":
عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} ، قَالَ: «جِيءَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِجَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ فِي أَصَابِعِهِ رِزْقًا ، فَإِذَا مَصَّ أُصْبُعًا مِنْ أَصَابِعِهِ وَجَدَ فِيهَا رِزْقًا ، فَلَمَّا خَرَجَ أَرَاهُ اللَّهُ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، فَكَانَ مَلَكُوتُ السَّمَوَاتِ: الشَّمْسَ ، وَالْقَمَرَ ، وَالنُّجُومَ ، وَمَلَكُوتُ الْأَرْضِ: الْجِبَالَ ، وَالشَّجَرَ ، وَالْبِحَارَ»

1296 - و قال الطبري " 13459 ":
حَدَّثَنَا بِشْر بَنْ مُعَاذ قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللهِ إِبْرَاهِيم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فُرَّ بِهِ مِنْ جَبَّارٍ مُتْرَفٍ (2)، فَجُعِلَ فِي سَربٍ، وَجُعِلَ رِزْقُهُ فِي أَطْرَافِهِ، فَجَعَلَ لاَ يَمُصُّ إِصْبَعًا مِنْ أَصَابِعِهِ إِلاَّ وَجَدَ فِيهَا رِزْقًا. فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ السَّربِ، أَرَاهُ اللهُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ، فَأَرَاهُ شَمْسًا وَقَمَرًا وَنُجُومًا وَسَحَابًا وَخَلْقًا عَظِيمًا، وَأَرَاهُ مَلَكُوتَ الأَرْضِ، فَأَرَاهُ جِبَالاً وَبُحُورًا وَأَنْهَارًا وَشَجَرًا وَمِنْ كُلِّ الدوَابّ وَخَلْقًا عَظِيمًا.







قوله تعالى ( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ 76 فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ 77 فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ 78 )

1297 - قال ابن أبي حاتم " 7515 ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: قَوْلَهُ: (فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الآفِلِينَ)، ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا أَرَاهُ اللَّهُ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الآفِلِينَ، عَلِمَ أَنَّ رَبَّهُ دَائِمٌ لَا يَزُولُ(3). 

1298 - و قال الطبري " 13463 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة:"فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لاَ أُحِبُّ الآفِلِينَ"، عَلِمَ أَنَّ رَبَّهُ دَائِمٌ لاَ يَزُولُ. فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: "هَذَا رَبِي هَذَا أَكْبَرُ"، رَأَى خَلْقًا هُوَ أَكْبَر مِنَ الخَلْقَيْنِ الأَوَّلَيْنِ وَأَنْوَر.







قوله تعالى ( إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )

1299 - قال ابن أبي حاتم " 7529 ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ: (حَنِيفًا) قَالَ: الْحَنِيفِيَّةُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، يَدْخُلُ فِيهَا تَحْرِيمُ الأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالاتِ وَمَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْخِتَانُ.




[يتبع بإذن الله]
_______
1/ يقول ابن أبي حاتم في " تفسيره 7501 ": حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ) قَالَ: تَفَرَّجَتْ لإِبْرَاهِيمَ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ حَتَّى الْعَرْشُ فَنَظَرَ فِيهِنَّ، وَتَفَرَّجَتْ إِلَيْهِ الأَرَضُونَ السَّبْعُ فَنَظَرَ فِيهِنَّ.اهـ و قال الطبري في " تفسيره 13452 ": حدثنا هناد وابن وكيع قالا حدثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: لما رأى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض، رأى عبدًا على فاحشة، فدعا عليه، فهلك. ثم رأى آخر على فاحشة، فدعا عليه فهلك. ثم رأى آخر على فاحشة، فدعا عليه فهلك. فقال: أنزلوا عبدِي لا يُهْلِك عبادِي!.اهـ
2/ هو نمرود.
3/ و لم يقل قتادة: عَلِمَ أَنَّ رَبَّهُ دَائِمٌ لَا يَتحرك. و في هذا الرد على الأشاعرة - و من قال بقولهم -  في نفي قيام الأفعال الاختيارية بذات الله تعالى. لأنها حوادث و المحدث لا يصلح أن يكون ربا. و قد ضلوا في ذلك ضلالا مبينا. جاء في " المعجم الرائد ": " أفل، يأفل ، أفولا. - أفل النجم : غاب". اهـ. و قد جاء في رواية محمد بن إسحاق كما عند الطبري " ثم نظر في السماء فرأى كوكبًا، قال:"هذا ربي"، ثم اتّبعه ينظر إليه ببصره حتى غاب، فلما أفل قال:"لا أحب الآفلين ". اهـ ففرق بين حركة النجم و مغيبه، و كذلك القمر  و الشمس يتحركان شيئا فشيئا ثم يغيبان، وهذا صريح جدا في بيان معنى الأفول و لكن الظالمين بآيات الله يجحدون.
يقول ابن تيمية في " الفتاوى 6/284 ": "إن هذا خلاف إجماع أهل اللغة والتفسير. بل هو خلاف ما علم بالاضطرار من الدين، والنقل المتواتر للغة والتفسير. فإن الأفول: هو المغيب. يقال: أفلت الشمس تأفل، وتأفل أفولاً: إذا غابت. ولم يقل أحد قط إنه هو التغير، ولا أن الشمس إذا تغير لونها يقال إنها أفلت، ولا إذا كانت متحركة في السماء يقال إنها أفلت. ولا أن الريح إذا هبت يقال إنها أفلت. ولا أن الماء إذا جرى يقال إنه أفل. ولا أن الشجر إذا تحرك يقال إنه أفل. ولا أن الآدميين إذا تكلموا، أو مشوا، وعملوا أعمالهم يقال إنهم أفلوا. بل ولا قال أحد قط إن من مرض، أو اصفر وجهه، أو احمر يقال إنه أفل. فهذا القول من أعظم الأقوال افتراء على الله، وعلى خليل الله، وعلى كلام الله عز وجل، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم المبلغ عن الله، وعلى أمة محمد جميعاً، وعلى جميع أهل اللغة، وعلى جميع من يعرف معاني القرآن ". اهـ
و هنا لفتة، و هي أن إبراهيم عليه السلام إنما نفى المحبة عند المغيب و ليس عند الحركة، فلو جاء هؤلاء المبتدعة و قالوا لإبراهيم " ربنا لا يتحرك و لا تقوم به أفعال " لما أحبه إبراهيم عليه الصلاة و السلام.
يقول ابن القيم في مدارج السالكين 3/332 ": " فحقيقة المحبة و الإنابة و التوكل و مقام الإحسان، ممتنع على المعطل امتناع حصول المَغَلّ من مُعَطِّلِ البذر، بل أعظم امتناعا. و كيف تأله القلوب من لا يسمع كلامها، و لا يرى مكانها، و لا يُحِبُّ و لا يُحَب، و لا يقوم به فعل البتة، و لا يتكلم و لا يكلم، و لا يقرب من شيء و لا يقرب منه شيء، و لا يقوم به رحمة و لا رأفة و لا حنان، و لا له حكمة و لا غاية يفعل و يأمر لأجلها ؟!. فكيف يتصور التوكل على ذلك، و محبته، و الإنابة إليه، و الشوق إلى لقائه، و رؤية وجهه الكريم في جنات النعيم، و هو غير مستو على عرشه فوق جميع خلقه ؟!. أم كيف تأله القلوب من لا يُحِبُّ و لا يُحَب، و لا يرضى و لا يغضب، و لا يفرح ولا يضحك ؟!. فسبحان من حال بين المعطلة و بين محبته، ومعرفته، و السرور و الفرح به، و الشوق إلى لقائه، و انتظار لذة النظر إلى وجهه الكريم، و التمتع بخطابه في محل كرامته و دار ثوابه ".اهـ و هذا كلام جليل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق