الأربعاء، 23 مارس 2016

تَفْسِيرُ قَتَادَة / سُورَةُ الأَنْفَال [61 - 70]

سورة الأنفال [ 61 - 70 ]







[سورة الأنفال]








قوله تعالى ( وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )

1640 - قال عبد الرزاق " 1026 ":
عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ} [الأنفال: 61]، قَالَ: " لِلصُّلْحِ ، وَنَسَخَهَا قَوْلُهُ: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}.

1641 - و قال الطبري " 16246 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْلهُ: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ) ، إِلَى الصُّلْحِ، (فَاجْنَحْ لَهَا) ، قَالَ: وَكَانَتْ هَذِهِ قَبْلَ "بَرَاءَة"، وَكَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَادِعُ القَوْمَ إِلَى أَجَلٍ، فَإِمَّا أَنْ يُسْلِمُوا، وَإِمَّا أَنْ يُقَاتِلَهُمْ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بَعْدُ فِي "بَرَاءَة" فَقَالَ: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، وَقاَلَ: (قَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) ، [سورة التوبة: 36] ، وَنَبَذَ إِلَى كُلِّ ذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، وَأَمَرَهُ بِقِتَالِهِمْ حَتَّى يَقُولُوا "لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله" وَيُسْلِمُوا، وَأَنْ لاَ يَقْبَلَ مِنْهُمْ إِلاَّ ذَلِكَ. وَكُلُّ عَهْدٍ كَانَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَفِي غَيْرِهَا، وَكُلُّ صُلْحٍ يُصَالِحُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ الْمُشْرِكِينَ يَتَوَادَعُونَ بِهِ، فَإِنَّ "بَرَاءَة" جَاءَتْ بِنَسْخِ ذَلِكَ، فَأَمَرَ بِقِتَالِهِمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ حَتَّى يَقُولُوا: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله". (1)






قوله تعالى ( إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ 65 الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ )

1642 - قال الطبري " 16279 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَوْله: (الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضُعْفًا إِنْ يَكُنْ مِّنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِّنْكُم أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ) ، جَعَلَ اللهُ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ رَجُلَيْنِ (2)، بَعْدَمَا كَانَ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ عَشْرَةٌ.
  




قوله تعالى ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )

1643 - قال الطبري " 16287 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَوْلهُ: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا) ، الآيَة، قَالَ: أَرَادَ أَصْحَابُ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ الفِدَاءَ، فَفَادُوهُمْ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ أَرْبَعَة آلاَفٍ. وَلَعَمْرِي مَا كَانَ أَثْخَنَ (3) رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ! وَكَانَ أَوَّلُ قِتَالٍ قَاتَلَهُ الْمُشْرِكِينَ.







قوله تعالى ( لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )

1644 - قال الطبري " 16312 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَوْلهُ: (لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) ، كَانَ سَبَقَ لَهُمْ مِنَ اللهِ خَيْرٌ، وَأَحَلَّ لَهُمُ الغَنَائِمَ. (4)






قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )

1645 - قال الطبري " 16323 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَوْلهُ: (قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى) الآيَة، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ مَالُ البَحْرَيْنِ ثَمَانُونَ أَلْفًا، وَقَدْ تَوْضَّأَ لِصَلاَةِ الظُّهْرِ، فَمَا أَعْطَى يَوْمَئِذٍ شَاكِيًا وَلاَ حَرَمَ سَائِلاً وَمَا صَلَّى يَوْمَئِذٍ حَتَّى فَرَّقَهُ، وَأَمَرَ العَبَّاسَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ وَيَحْتَثِي، فَأَخَذَ. قَالَ: وَكَانَ العَبَّاسُ يَقُولُ: هَذَا خَيْرٌ مِمَّا أُخِذَ مِنَّا، وَأَرْجُو الْمَغْفِرَةَ.




[يتبع بإذن الله]
_________
1/ قتادة ذهب إلى أنها نزلت في المشركين لذلك قال بالنسخ، و بعد "براءة" أمر الله نبيه عليه الصلاة و السلام بقتال المشركين حتى يسلموا. و ذهب مجاهد إلى أن الآية نزلت في يهود بني قريظة. يقول الطبري في تفسيره 16251 : حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وإن جنحوا للسلم) ، قال: قريظة.اهـ قال أبو جعفر [الطبري]: " وقول الله في براءة: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، غير نافٍ حكمُه حكمَ قوله (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) ، لأن قوله: (وإن جنحوا للسلم) ، إنما عني به بنو قريظة، وكانوا يهودًا أهلَ كتاب، وقد أذن الله جل ثناؤه للمؤمنين بصلح أهل الكتاب ومتاركتهم الحربَ على أخذ الجزية منهم. وأما قوله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) فإنما عُني به مشركو العرب من عبدة الأوثان، الذين لا يجوز قبول الجزية منهم ".اهـ
2/ يريد أنه لا يفر من إثنين، فإذا كانوا ثلاثة لا يسمى فرارا.
3/ الإثخان القتل. أثخن في العدُوّ : بالغ في قتاله. [المعجم الوسيط].
4/قول قتادة " وَأَحَلَّ لَهُمُ الغَنَائِمَ " يعني قبل أن يخلقهم. و قال الطبري أيضا 16296: حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع قال، حدثنا بشر بن المفضل عن عوف، عن الحسن في قول الله: (لولا كتاب من الله سبق) الآية، وذلك يوم بدر، وأخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المغانمَ والأسارى قبل أن يؤمروا به، وكان الله تبارك وتعالى قد كتب في أم الكتاب: "المغانم والأسارى حلال لمحمد وأمته"، ولم يكن أحله لأمة قبلهم، وأخذوا المغانم وأسروا الأسارى قبل أن ينزل إليهم في ذلك، قال الله: (لولا كتاب من الله سبق) ، يعني في الكتاب الأول أن المغانم والأسارى حلال لكم، (لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) .اهـ وَقَالَ الْأَعْمَشُ: «سَبَقَ مِنَ اللَّهِ أَنْ أَحَلَّ لَهُمُ الْغَنِيمَةَ» [تفسيره عبد الرزاق 1031]، و قال مجاهد: سَبَقَ لَهُمُ الْمَغْفِرَةُ. [تفسير ابن أبي حاتم 9167]. قال ابن أبي حاتم (5/1734) : وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ: بِإِحْلالِ الْمَغَانِمِ لِهَذِهِ الأُمَّةِ. وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَبَقَ عِلْمِي أَنِّي أَحْلَلْتُ لَكُمُ الْمَغَانِمَ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. اهـ. هذه الآية عظيمة في الرد على القدرية. و سبحان الله كيف لا يهتدي المرأ إلى مثل هذه المواطن من كتاب الله التي فيها إثبات العلم و الكتابة، و المشيئة كما في قوله تعالى ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) و الخلق كما في قوله سبحانه ( إِنَّا كُلَّ شَيْئٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ). فنعوذ بالله من الزيغ .اهـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق