سورة الأنفال [ 71 - آخر السورة ]
[سورة الأنفال]
قوله تعالى (
وَإِن يُرِيدُواْ
خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ )
1646 - قال ابن أبي حاتم " 9180 ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدٌ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ
قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ كَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيَ فَنَافَقَ فَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ
بِمَكَّةَ وَقَالَ: والله إن كأن محمدا لَا يَكْتُبُ إِلا مَا شِئْتُ فَسَمِعَ بِذَلِكَ
رجل مِنَ الأَنْصَارِ حَلَفَ لإِنْ أَمْكَنَهُ اللَّهُ مِنْهُ لَيَضْرِبَهُ ضَرْبَةً
بِالسَّيْفِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ جَاءَ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ
فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا رَضَاعَةٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ
قَدْ أَقْبَلَ نَادِمًا فَأَعْرَضَ عَنْهُ وأَقْبَلَ الأَنْصَارِيُّ مَعَهُ سَيْفٌ
فَأَطَافَ بِهِ ثُمَّ مَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ
لِيُبَايعَهُ، وَقَالَ لِلأَنْصَارِيِّ: لَقَدْ تَلَوَّمْتُ بِهِ الْيَوْمَ فَقَالَ
الأَنْصَارِيُّ: فَهَلا أَوْمَضْتَ؟ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ.
(1)
قوله تعالى (
إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ
آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ
)
1647 - قال الطبري " 16335 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا
يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ
بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ)
، إِلَى قَوْلِهِ: (مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ)
، قَالَ: لَبِثَ المُسْلِمُونَ زَمَانًا يَتَوَارَثُونَ بِالهِجْرَةِ، وَالأَعْرابِيُّ
المُسْلِمُ لاَ يَرِثُ مِنَ المُهَاجِرِ شَيْئًا، فَنَسَخَ ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَلْحَقَ
اللهُ (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا)
، [سورة الأحزاب: 6] ، أَيْ: مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ، فَأُجِيزَتِ الوَصِيَّةُ، وَلاَ
مِيرَاثَ لَهُمْ، وَصَارَتِ المَوَارِيثُ بِالمِلَلِ، وَالمُسْلِمُونَ يَرِثُ بَعْضُهُمْ
بَعْضًا مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالمُؤْمِنِينَ، وَلاَ يَرِثُ أَهْلَ مِلَّتَيْنِ.
1648 - و قال عبد الرزاق " 1032 ":
عَنْ مَعْمَرٍ [عن قتادة](2)
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال:
72] ، قَالَ: " كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَوَارَثُونَ بِالْهِجْرَةِ ، وَآخَى بَيْنَهُمُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِالْإِسْلَامِ
، وَبِالْهَجْرَةِ وَكَانَ الرَّجُلُ يُسْلِمُ وَلَا يُهَاجِرُ ، فَلَا يَرِثُ أَخَاهُ
فَنَسَخَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ
فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} [الأحزاب: 6].
قوله تعالى (
وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ
فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ
)
1649 - قال ابن أبي حاتم " 9196 ":
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ
الطُّوسِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرُّوذِيُّ
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: (وَإِنْ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ
النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) قَالَ: نَهَى الْمُسْلِمُونَ
عَنْ أَهْلِ مِيثَاقِهِمْ فَوَاللهِ لأَخُوكَ الْمُسْلِمُ أَعْظَمُ عَلَيْكَ حُرْمَةً
وَحَقًّا.
قوله تعالى (
وَالَّذِينَ
كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ) (3)
1650 - قال الطبري " 16346 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا
يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَوْلهُ: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ
بَعْضٍ) ، قَالَ: كَانَ يَنْزِلُ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ،
فَيَقُولُ: إِنْ ظَهَرَ هَؤُلاَءِ كُنْتُ مَعَهُمْ، وَإِنْ ظَهَرَ هَؤُلاَءِ كُنْتُ
مَعَهُمْ! فَأَبَى اللهُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، وَأَنْزَلَ اللهُ فِي ذَلِكَ، فَلاَ تَرَاءَى
نَارُ مُسْلِمٍ وَنَارُ مُشْرِكٍ، إِلاَّ صَاحِبَ جِزْيَةٍ مُقِر بِالخَرَاجِ (4).
قوله تعالى (
وَأُوْلُواْ
الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ )
1651 - قال الطبري "
16353 ":
حَدَّثَنَا أَحْمَد بن الْمِقْدَامِ
قَالَ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِر بَنْ سُلَيْمَان قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ، حَدَّثَنَا
قَتَادَة أَنَّهُ
قَالَ: كَانَ لاَ يَرِثُ الأَعْرَابيُّ الْمُهَاجِرَ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ: (وَأُولُوا
الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ) .
قوله تعالى (
فِي كِتَابِ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (5) براءة من الله
)
1652 - قال ابن أبي حاتم " 9211 ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى
أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ثنا سَعِيدٌ عَنْ
قَتَادَةَ
قَوْلُهُ: كِتَابِ قَالَ: الْقُرْآنُ.
[آخر تفسير سورة الأنفال]
________
1/ قال المحقق: خرجه أحمد في مسنده 3/151 من حديث أنس بغير هذا اللفظ.
2/ سقط اسم قتادة، و بينته رواية الطبري في تفسيره قال: 16338 حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: ثم ذكره.
3/ قال عبد الرزاق في " تفسيره 1033 ": عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الْكَلْبِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73] ، قَالَ: «كَانَ أُنَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَأْتُونَ ، فَيَقُولُونَ لَا نَكُونُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا مَعَ الْكُفَّارِ فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى إِمَّا أَنْ يَدْخُلُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِمَّا أَنْ يَلْحَقُوا بِالْكُفَّارِ».
4/ الخراج هو ما يخرج من غلة الأرض، و هو المال الذي يضعه ولي الأمر على الذمي صاحب الأرض. فإذا أسلم سقط عنه، هذا في حال الصلح. يقول ابن القاسم: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ الذِّمِّيِّ الْمُصَالِحِ : إذَا أَسْلَمَ سَقَطَ عَنْ أَرْضِهِ وَجُمْجُمَتِهِ الْخَرَاجُ وَصَارَتْ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهَا لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ تَكُونَ لَهُ إذَا أَسْلَمَ وَهِيَ فِي يَدَيْهِ . [المدونة]. أما إذا أخذت أرضه بالسيف فلا يسقط عنه الخراج إذا أسلم إلا إذا خرج من أرضه. و هو قول إبراهيم النخعي [مصنف ابن أبي شيبة 33617] و الله أعلم.
5/ يقول عبد الرزاق في " تفسيره 1036 ": قَالَ مَعْمَرٌ قَوْلُهُ
تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال: 75] {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ}
[التوبة: 1] ، قَالَ: يُقَالُ: " إِنَّهَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ الْأَنْفَالُ ، وَالتَّوْبَةُ؛
فَلِذَلِكَ لَمْ يُكْتَبْ بَيْنَهُمَا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
" قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: يَقُولُونَ: إِنَّ الْأَنْفَالَ
، وَالتَّوْبَةَ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُكْتَبْ بَيْنَهُمَا سَطْرُ
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق