الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد،
قال الله تعالى في فاتحة كتابه ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ
) [الفاتحة 6]
يقول ابن أبي حاتم في " تفسيره 34 ":
حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا أَبُو
النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، أنبأ حمزة ابن الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ،
عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) قَالَ: هُوَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَاهُ مِنْ بَعْدِهِ.
قَالَ عَاصِمٌ: فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلْحَسَنِ فَقَالَ: صَدَقَ
أَبُو الْعَالِيَةِ وَنَصَحَ ».
و هي نصيحة جليلة، و هذا من فقه أبي العالية رحمة الله عليه
يقول مسلم في " صحيحه 2450 ":
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ
حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ
قَالَتْ كُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُ لَمْ
يُغَادِرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي مَا تُخْطِئُ مِشْيَتُهَا
مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَلَمَّا
رَآهَا رَحَّبَ بِهَا فَقَالَ مَرْحَبًا بِابْنَتِي ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ
أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا فَلَمَّا رَأَى جَزَعَهَا
سَارَّهَا الثَّانِيَةَ فَضَحِكَتْ فَقُلْتُ لَهَا خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ بِالسِّرَارِ ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ
فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهَا مَا
قَالَ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ مَا كُنْتُ
أُفْشِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرَّهُ قَالَتْ
فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ عَزَمْتُ
عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنْ الْحَقِّ لَمَا حَدَّثْتِنِي مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ أَمَّا الْآنَ فَنَعَمْ أَمَّا
حِينَ سَارَّنِي فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَأَخْبَرَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ
الْقُرْآنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَإِنَّهُ عَارَضَهُ الْآنَ
مَرَّتَيْنِ وَإِنِّي لَا أُرَى الْأَجَلَ إِلَّا قَدْ اقْتَرَبَ فَاتَّقِي اللَّهَ
وَاصْبِرِي فَإِنَّهُ نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ قَالَتْ فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي
رَأَيْتِ فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ فَقَالَ يَا فَاطِمَةُ أَمَا
تَرْضَيْ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ
الْأُمَّةِ قَالَتْ فَضَحِكْتُ ضَحِكِي الَّذِي رَأَيْتِ.
و قال الخلال في " السنة 529 ":
أَخْبَرَنِي الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ:
ثَنَا الْفُرَاتُ، قَالَ: قُلْتُ لِمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ
عِنْدَكَ أَفْضَلُ أَوْ عَلِيٌّ؟ قَالَ: فَارْتَعَدَ حَتَّى سَقَطَتْ عَصَاهُ مِنْ
يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: « مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي أَبْقَى إِلَى زَمَانٍ يَعْدِلُ بَيْنَهُمَا،
إِنَّهُمَا كَانَا رَأْسَ الْإِسْلَامِ، وَرَأْسَ الْجَمَاعَةِ ».
وقال الله سبحانه ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا
فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ
وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) [الأنعام 153].
قال سعيد بن منصور في " التفسير 935 ":
نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ [ابن بهدلة] ، عَنْ
أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا، فَقَالَ: ((هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ)) ، ثُمَّ خَطَّ
خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ فَقَالَ: ((وَهَذِهِ سُبُل، عَلَى كُلِّ
سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ)) ، ثُمَّ تَلَا {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي
مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}
.
فسبيل الله مستقيم و سبيل الشيطان متفرق و لابد !
قال مجاهد رحمه الله في قول الله: (وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) قَالَ: البِدَعُ وَالشُّبُهَاتِ . [تفسير الطبري 14163]
و قال سبحانه ( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ
بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ
وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) [الشورى 13].
قال قتادة رحمه الله في قوله: ( وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ
) : " تَعَلَّمُوا أَنَّ الفِرْقَةَ هَلَكَةٌ، وَأَنَّ الجَمَاعَةَ ثِقَةٌ ". [تفسير الطبري]
و قال أيضا: " أَهْلُ
رَحْمَةِ اللَّهِ أَهْلُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ تَفَرَّقَتْ دِيَارُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ
وَأَهْلُ مَعْصِيَتِهِ أَهْلُ فُرْقَةٍ وَإِنْ أُجْمِعَتْ دِيَارَهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ ".
[تفسير ابن أبي حاتم 11290]
و هذا التفرق حصل في أهل الكتاب من قبل
يقول ابن منصور في " السنن 2179 ":
حدَّثنا أبو معاوية، قال: حدَّثنا الأعمش، عن عمارة بن عمير،
عنِ الربيع بن عميلة، قال: حدَّثنا عبد الله [ابن مسعود] حديثا ما سمعت حديثا هو أحسن منه إلا كتاب
الله، أو رواية عنِ النبي صلى الله عليه وسلم، أن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد
قست قلوبهم، اخترعوا كتابا من عند أنفسهم استهوته قلوبهم، واستحلته ألسنتهم، وكان الحق
يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم، حتى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، كأنهم لا يعلمون،
فقالوا: اعرضوا هذا الكتاب على بني إسرائيل، فإن تابعوكم فاتركوهم، وإن خالفوكم فاقتلوهم،
قالوا: لا، بل أرسلوا إلى فلان - رجل من علمائهم - فاعرضوا عليه هذا الكتاب، فإن تابعكم
فلن يخالفكم أحد بعده، وإن خالفكم فاقتلوه، فلن يختلف عليكم بعده أحد. فأرسلوا إليه،
فأخذ ورقة وكتب فيها كتاب الله، ثم جعلها في قرن، ثم علقها في عنقه، ثم لبس عليها
الثياب، فعرضوا عليه الكتاب، فقالوا له: تؤمن بهذا؟ فأومأ إلى صدره، فقال: آمنت بهذا،
وما لي لا أومن بهذا؟ يعني: الكتاب الذي في القرن. فخلوا سبيله. وكان له أصحاب يغشونه،
فلما مات وجدوا القرن الذي فيه الكتاب معلق عليه، فقالوا: ألا ترون إلى قوله:
"آمنت بهذا، وما لي لا أومن بهذا"؟ إنما عنى هذا الكتاب! فاختلف بنو إسرائيل
على بضع وسبعين ملة، وخير مللهم أصحاب ذي القرن.
قال عبد الله: وإن من بقي منكم سيرى منكرا، وبحسب امرىء يرى
منكرا لا يستطيع أن يغيره: أن يعلم الله من قلبه أنه له كاره ".اهـ
و قال ابن أبي حاتم في " تفسيره 6267 ":
حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش،
عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما أراد الله تعالى أن يرفع عيسى إلى السماء، فخرج على أصحابه
وفي البيت اثنا عشر رجلا من الحواريين يعني فخرج عيسى من عين في البيت ورأسه يقطر ماء.
فقال: إن منكم من يكفر بي اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن بي، قال: أيكم يلقى عليه شبهي
فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي؟ فقام شاب من أحدثهم سنا فقال له: اجلس ثم أعاد عليهم
فقام الشاب فقال: أنا، فقال: أنت هو ذاك، فألقي عليه شبه عيسى، ورفع عيسى من روزنة
في البيت إلى السماء. قال : وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه، فقتلوه ثم صلبوه، فكفر
به بعضهم اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن به، وافترقوا ثلاث فرق،
فقالت فرقة: كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء، فهؤلاء
اليعقوبية.
وقالت فرقة: كان فينا ابن الله ما شاء الله ثم رفعه إليه،
فهؤلاء النسطورية.
وقالت فرقة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله ثم رفعه
الله إليه، وهؤلاء المسلمون ،
فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها، فلم يزل الإسلام
طامسا حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم." اهـ
و قال أبو داود في " سننه 4597 ":
حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد بن يحيى قالا ثنا أبو المغيرة ثنا
صفوان ح وثنا عمرو بن عثمان حدثنا بقية قال حدثني صفوان نحوه قال حدثني أزهر بن عبد
الله الحرازي عن أبي عامر الهوزني عن معاوية بن أبي سفيان أنه قام فينا فقال: ألا إن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قام فينا فقال " ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب
افترقوا على ثنتين وسبعين ملة. وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين ثنتان وسبعون
في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة ".
و قد علمت من الجماعة.
يقول البخاري في " صحيحه ":
بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ يُقَاتِلُونَ"
وَهُمْ أَهْلُ العِلْمِ ":
7311 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ
بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي
ظَاهِرِينَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ»
و قال مسلم في " صحيحه 3553 "
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ
بَشَّارٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ
سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : " لَنْ يَبْرَحَ هَذَا الدِّينُ قَائِمًا
يُقَاتِلُ عَلَيْهِ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ
" .
و العصابة الجماعة من الناس
و في رواية عند مسلم " 3545 " من حديث المغيرة
قال:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ: " لَنْ يَزَالَ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي
ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَ هُمْ ظَاهِرُونَ
". اهـ
فأنَّى لأحد أن يظهر على أهل العلم، بل لا يزالون ظاهرين
حتى ينزل فيهم عيسى بن مريم عليه السلام.
و لا ينكر الإفتراق إلا مطموس البصر فضلا عن أن يكون مطموس
البصيرة فالأمر صار عيانا لا مِرية فيه، حينما يصبح سبيل الله الذي وصَّى به تَبعا للأشعري
و الماتردي و فلان الخرافي و علان الرأي.
يقول الدارمي في " مسنده 649 ":
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْطَاكِيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ الْخَوَّاصِ الشَّامِيِّ أَبِي عُتْبَةَ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ اعْقِلُوا وَالْعَقْلُ نِعْمَةٌ فَرُبَّ ذِي عَقْلٍ قَدْ شُغِلَ قَلْبُهُ بِالتَّعَمُّقِ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ حَتَّى صَارَ عَنْ ذَلِكَ سَاهِيًا وَمِنْ فَضْلِ عَقْلِ الْمَرْءِ تَرْكُ النَّظَرِ فِيمَا لَا نَظَرَ فِيهِ حَتَّى لَا يَكُونَ فَضْلُ عَقْلِهِ وَبَالًا عَلَيْهِ فِي تَرْكِ مُنَافَسَةِ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ أَوْ رَجُلٍ شُغِلَ قَلْبُهُ بِبِدْعَةٍ قَلَّدَ فِيهَا دِينَهُ رِجَالًا دُونَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ اكْتَفَى بِرَأْيِهِ فِيمَا لَا يَرَى الْهُدَى إِلَّا فِيهَا وَلَا يَرَى الضَّلَالَةَ إِلَّا بِتَرْكِهَا يَزْعُمُ أَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ الْقُرْآنِ وَهُوَ يَدْعُو إِلَى فِرَاقِ الْقُرْآنِ أَفَمَا كَانَ لِلْقُرْآنِ حَمَلَةٌ قَبْلَهُ وَقَبْلَ أَصْحَابِهِ يَعْمَلُونَ بِمُحْكَمِهِ وَيُؤْمِنُونَ بِمُتَشَابِهِهِ وَكَانُوا مِنْهُ عَلَى مَنَارٍ كَوَضَحِ الطَّرِيقِ فَكَانَ الْقُرْآنُ إِمَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِمَامًا لِأَصْحَابِهِ وَكَانَ أَصْحَابُهُ أَئِمَّةً لِمَنْ بَعْدَهُمْ رِجَالٌ مَعْرُوفُونَ مَنْسُوبُونَ فِي الْبُلْدَانِ مُتَّفِقُونَ فِي الرَّدِّ عَلَى أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ مَعَ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ مِنْ الِاخْتِلَافِ وَتَسَكَّعَ أَصْحَابُ الْأَهْوَاءِ بِرَأْيِهِمْ فِي سُبُلٍ مُخْتَلِفَةٍ جَائِرَةٍ عَنْ الْقَصْدِ مُفَارِقَةٍ لِلصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ فَتَوَّهَتْ بِهِمْ أَدِلَّاؤُهُمْ فِي مَهَامِهَ مُضِلَّةٍ فَأَمْعَنُوا فِيهَا مُتَعَسِّفِينَ فِي تِيهِهِمْ كُلَّمَا أَحْدَثَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ بِدْعَةً فِي ضَلَالَتِهِمْ انْتَقَلُوا مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَطْلُبُوا أَثَرَ السَّالِفِينَ وَلَمْ يَقْتَدُوا بِالْمُهَاجِرِينَ وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِزِيَادٍ هَلْ تَدْرِي مَا يَهْدِمُ الْإِسْلَامَ زَلَّةُ عَالِمٍ وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ وَأَئِمَّةٌ مُضِلُّونَ ... ". اهـ
يقول الدارمي في " مسنده 649 ":
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْطَاكِيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ الْخَوَّاصِ الشَّامِيِّ أَبِي عُتْبَةَ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ اعْقِلُوا وَالْعَقْلُ نِعْمَةٌ فَرُبَّ ذِي عَقْلٍ قَدْ شُغِلَ قَلْبُهُ بِالتَّعَمُّقِ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ حَتَّى صَارَ عَنْ ذَلِكَ سَاهِيًا وَمِنْ فَضْلِ عَقْلِ الْمَرْءِ تَرْكُ النَّظَرِ فِيمَا لَا نَظَرَ فِيهِ حَتَّى لَا يَكُونَ فَضْلُ عَقْلِهِ وَبَالًا عَلَيْهِ فِي تَرْكِ مُنَافَسَةِ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ أَوْ رَجُلٍ شُغِلَ قَلْبُهُ بِبِدْعَةٍ قَلَّدَ فِيهَا دِينَهُ رِجَالًا دُونَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ اكْتَفَى بِرَأْيِهِ فِيمَا لَا يَرَى الْهُدَى إِلَّا فِيهَا وَلَا يَرَى الضَّلَالَةَ إِلَّا بِتَرْكِهَا يَزْعُمُ أَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ الْقُرْآنِ وَهُوَ يَدْعُو إِلَى فِرَاقِ الْقُرْآنِ أَفَمَا كَانَ لِلْقُرْآنِ حَمَلَةٌ قَبْلَهُ وَقَبْلَ أَصْحَابِهِ يَعْمَلُونَ بِمُحْكَمِهِ وَيُؤْمِنُونَ بِمُتَشَابِهِهِ وَكَانُوا مِنْهُ عَلَى مَنَارٍ كَوَضَحِ الطَّرِيقِ فَكَانَ الْقُرْآنُ إِمَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِمَامًا لِأَصْحَابِهِ وَكَانَ أَصْحَابُهُ أَئِمَّةً لِمَنْ بَعْدَهُمْ رِجَالٌ مَعْرُوفُونَ مَنْسُوبُونَ فِي الْبُلْدَانِ مُتَّفِقُونَ فِي الرَّدِّ عَلَى أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ مَعَ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ مِنْ الِاخْتِلَافِ وَتَسَكَّعَ أَصْحَابُ الْأَهْوَاءِ بِرَأْيِهِمْ فِي سُبُلٍ مُخْتَلِفَةٍ جَائِرَةٍ عَنْ الْقَصْدِ مُفَارِقَةٍ لِلصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ فَتَوَّهَتْ بِهِمْ أَدِلَّاؤُهُمْ فِي مَهَامِهَ مُضِلَّةٍ فَأَمْعَنُوا فِيهَا مُتَعَسِّفِينَ فِي تِيهِهِمْ كُلَّمَا أَحْدَثَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ بِدْعَةً فِي ضَلَالَتِهِمْ انْتَقَلُوا مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَطْلُبُوا أَثَرَ السَّالِفِينَ وَلَمْ يَقْتَدُوا بِالْمُهَاجِرِينَ وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِزِيَادٍ هَلْ تَدْرِي مَا يَهْدِمُ الْإِسْلَامَ زَلَّةُ عَالِمٍ وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ وَأَئِمَّةٌ مُضِلُّونَ ... ". اهـ
فتأملوا في هذا الكلام النفيس،
و النبي صلى الله عيله و سلم يقول " نعم السلف أنا لك " و قال " اتبعوا الذين من بعدي أبي بكر و عمر ".
و النبي صلى الله عيله و سلم يقول " نعم السلف أنا لك " و قال " اتبعوا الذين من بعدي أبي بكر و عمر ".
بل هذا مما يؤكد صحة الحديث و أن التفرق حاصل لا محالة ( لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ )
فتبا لكم، و موتوا بغضيكم فإن الأمر لله من قبل و من بعد.
قال جل في علاه ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ
آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا
يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ
(52) ) - [غافر]
هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق