الحمد لله و الصلاة و على رسول الله و بعد،
يقول البخاري في" صحيحه
6986 ":
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ
أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى
الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي.
و هذا الحديث فرح به مخانيث
الجهمية فرحا عظيما و بنو عليه القصور، و قالوا هذا دليل على أن الله منزه عن الجهة
يقول أحدهم :
" اعلم اخى الحبيب الاشعرى ان هذا الحديث الصحيح
حجة على من قال ان الله فى جهة العلو اى فوق العرش بذاته واختصوا العرش لانه سقف المخلوقات
. فلو قيل له ما معنى فوق العرش فى الحديث؟؟
سيقول الفوق على الحقيقة
نقول له اذن معنى كلامك ان
الكتاب فوق العرش والله عندكم فوق العرش بذاته فلماذا قلت ان الله فوق العرش والكتاب
فوق العرش؟؟؟ لماذا لا تقول ان الله فوق الكتاب حاشا لله لماذا خصصت العرش والكتاب
فوقه ؟؟؟ ". اهـ
أقول: هذه هي نتيجة التعصب
للأشخاص و نصر أقوالهم بغير هدى من الله
أما الرد عليه فمن وجوه عدة :
الوجه الأول :
أن الله ذكر
في كتابه المنزل في سبع مواضع أنه استوى على العرش، و هذا قوي الدلالة على خصوصية العرش و أن
الله فوقه على وجه الحقيقة.
يقول أبو نعيم في " الحلية 6/7 :
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ، ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثنا أَبُو صَفْوَانَ الْأُمَوِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: " أَنا اللهُ فَوْقَ عِبَادِي، وَعَرْشِي فَوْقَ جَمِيعِ خَلْقِي، وَأَنَا عَلَى عَرْشِي أُدَبِّرُ أَمْرَ عِبَادِي فِي سَمَائِي وَأَرْضِي وَإِنْ حُجِبُوا عَنِّي فَلَا يَغِيبُ عَنْهُمْ عِلْمِي، وَإِلَيَّ يَرْجِعُ كُلُّ خَلْقِي فَأُثِيبُهُمْ بِمَا خَفِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ عِلْمِي أَغْفِرُ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ بِمَغْفِرَتِي، وَأُعَذِّبُ مَنْ شِئْتُ مِنْهُمْ بِعِقَابِي ".
يقول أبو نعيم في " الحلية 6/7 :
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ، ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثنا أَبُو صَفْوَانَ الْأُمَوِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: " أَنا اللهُ فَوْقَ عِبَادِي، وَعَرْشِي فَوْقَ جَمِيعِ خَلْقِي، وَأَنَا عَلَى عَرْشِي أُدَبِّرُ أَمْرَ عِبَادِي فِي سَمَائِي وَأَرْضِي وَإِنْ حُجِبُوا عَنِّي فَلَا يَغِيبُ عَنْهُمْ عِلْمِي، وَإِلَيَّ يَرْجِعُ كُلُّ خَلْقِي فَأُثِيبُهُمْ بِمَا خَفِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ عِلْمِي أَغْفِرُ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ بِمَغْفِرَتِي، وَأُعَذِّبُ مَنْ شِئْتُ مِنْهُمْ بِعِقَابِي ".
الوجه الثاني :
أن النبي صلى
الله عليه و سلم أثبت لله الجهة و لكنكم أهل جدل
يقول مسلم في صحيحه 537 :
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ
مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَتَقَارَبَا فِي لَفْظِ
الْحَدِيثِ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ
عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ
بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ
فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ وَا ثُكْلَ
أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ
عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ فَلَمَّا
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي
مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ فَوَاللَّهِ
مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي قَالَ إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا
يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ
وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَقَدْ
جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ قَالَ
فَلَا تَأْتِهِمْ قَالَ وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ قَالَ ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ
فِي صُدُورِهِمْ فَلَا يَصُدَّنَّهُمْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ
قَالَ قُلْتُ وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ قَالَ كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ
يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ، قَالَ: وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا
لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ
قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ
لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا
قَالَ ائْتِنِي بِهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ لَهَا أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ فِي
السَّمَاءِ. قَالَ: مَنْ أَنَا؟ قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا
فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ.
الوجه الثالث :
أن الحديث جاء بألفاظ عدة
« لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِى كِتَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَهُ إِنَّ رَحْمَتِى تَغْلِبُ غَضَبِى ».صحيح مسلم
«إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السموات والأرض، وهو معه على العرش: إن رحمتي تغلب غضبي». السنة للخلال
«لما فرغ الله من الخلق، كتب على عرشه: رحمتي سبقت غضبي». اهـ مسند أحمد
«إن الله عز وجل كتب كتابا بيده لنفسه قبل أن يخلق السموات والأرض، فوضعه تحت عرشه، فيه: رحمتي سبقت غضبي». مسند أحمد
وقد صح عن عكرمة أن الله يخرج كتابا من تحت العرش فيه رحمتي سبقت غضبي
يقول معمر بن راشد في " جامعه 1478 ":
عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ ، أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ ، يَقُولُ : " إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ خَلْقِهِ أَخْرَجَ كِتَابًا مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ فِيهِ : " رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ، وَأَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ " ، فَيُخْرِجُ مِنَ النَّارِ مِثْلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، ء أَوْ قَالَ : مِثْلِي أَهْلِ الْجَنَّةِ ، قَالَ الْحَكَمُ : لا أَعْلَمُهُ ، إِلا قَالَ : مِثْلِي أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَأَمَّا : مِثْلَ ، فَلا أَشُكُّ ء مَكْتُوبٌ فِيهِمْ وَأَشَارَ الْحَكَمُ إِلَى فَخِذِهِ عُتَقَاءُ اللَّهِ ،
قَالَ : فَقَالَ رَجُلٌ لِعِكْرِمَةَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ :{ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا} سورة المائدة آية 37 ، قَالَ : وَيْلَكَ ! أُولَئِكَ أَهْلُهَا الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا ". اهـ
وهذا صحيح عن عكرمة
ولعل المراد بتحت أي بين يديه، كما في قوله تعالى {تجري من تحتهم الأنهار} أي من بين أيديهم
قال الطبري في تفسيره 15/29: " وإنما معنى ذلك: تجري من دونهم الأنهار إلى ما بين أيديهم في بساتين النعيم، وذلك نظير قول الله: (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) [سورة مريم: 24] . ومعلوم أنه لم يجعل "السري" تحتها وهي عليه قاعدة، إذ كان "السري" هو الجدول. وإنما عني به: جعل دونها: بين يديها، وكما قال جل ثناؤه مخبرًا عن قيل فرعون، (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) ، [سورة الزخرف: 51] ، بمعنى: من دوني، بين يديّ ".
وهذا قد جاء عن يونس بن ميسرة وقد أدرك معاوية رضي الله عنه.
قال أبو نعيم في الحلية 5/251:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بِْنُ مَالِكٍ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ، ثَنا أَبُو مِسْهَرٍ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، قَالَ: مَكْتُوبٌ فِي اللَّوْحِ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى: إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، أَرْحَمُ وَأَتَرَحَّمُ، سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي، وَعَفْوِي عُقُوبَتِي، وَأَذِنْتُ لِمَنْ جَاءَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ ثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةَ شَرِيعَةٍ أَنْ أُدْخِلَهُ جَنَّتِي ".
« لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِى كِتَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَهُ إِنَّ رَحْمَتِى تَغْلِبُ غَضَبِى ».صحيح مسلم
«إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السموات والأرض، وهو معه على العرش: إن رحمتي تغلب غضبي». السنة للخلال
«لما فرغ الله من الخلق، كتب على عرشه: رحمتي سبقت غضبي». اهـ مسند أحمد
«إن الله عز وجل كتب كتابا بيده لنفسه قبل أن يخلق السموات والأرض، فوضعه تحت عرشه، فيه: رحمتي سبقت غضبي». مسند أحمد
وقد صح عن عكرمة أن الله يخرج كتابا من تحت العرش فيه رحمتي سبقت غضبي
يقول معمر بن راشد في " جامعه 1478 ":
عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ ، أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ ، يَقُولُ : " إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ خَلْقِهِ أَخْرَجَ كِتَابًا مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ فِيهِ : " رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ، وَأَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ " ، فَيُخْرِجُ مِنَ النَّارِ مِثْلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، ء أَوْ قَالَ : مِثْلِي أَهْلِ الْجَنَّةِ ، قَالَ الْحَكَمُ : لا أَعْلَمُهُ ، إِلا قَالَ : مِثْلِي أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَأَمَّا : مِثْلَ ، فَلا أَشُكُّ ء مَكْتُوبٌ فِيهِمْ وَأَشَارَ الْحَكَمُ إِلَى فَخِذِهِ عُتَقَاءُ اللَّهِ ،
قَالَ : فَقَالَ رَجُلٌ لِعِكْرِمَةَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ :{ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا} سورة المائدة آية 37 ، قَالَ : وَيْلَكَ ! أُولَئِكَ أَهْلُهَا الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا ". اهـ
وهذا صحيح عن عكرمة
ولعل المراد بتحت أي بين يديه، كما في قوله تعالى {تجري من تحتهم الأنهار} أي من بين أيديهم
قال الطبري في تفسيره 15/29: " وإنما معنى ذلك: تجري من دونهم الأنهار إلى ما بين أيديهم في بساتين النعيم، وذلك نظير قول الله: (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) [سورة مريم: 24] . ومعلوم أنه لم يجعل "السري" تحتها وهي عليه قاعدة، إذ كان "السري" هو الجدول. وإنما عني به: جعل دونها: بين يديها، وكما قال جل ثناؤه مخبرًا عن قيل فرعون، (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) ، [سورة الزخرف: 51] ، بمعنى: من دوني، بين يديّ ".
وهذا قد جاء عن يونس بن ميسرة وقد أدرك معاوية رضي الله عنه.
قال أبو نعيم في الحلية 5/251:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بِْنُ مَالِكٍ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ، ثَنا أَبُو مِسْهَرٍ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، قَالَ: مَكْتُوبٌ فِي اللَّوْحِ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى: إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، أَرْحَمُ وَأَتَرَحَّمُ، سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي، وَعَفْوِي عُقُوبَتِي، وَأَذِنْتُ لِمَنْ جَاءَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ ثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةَ شَرِيعَةٍ أَنْ أُدْخِلَهُ جَنَّتِي ".
الوجه الرابع:
أجمع الخلق على أن الله في جهة العلو، إلا من زاغ منهم
يقول عبد الرزاق في مصنفه 4921 :
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ خَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ يَسْتَسْقُونَ، فَرَأَى نَمْلَةً قَائِمَةً رَافِعَةً إِحْدَى قَوَائِمَهَا تَسْتَسْقِي، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: «ارْجِعُوا فَقَدْ سُقِيتُمْ، إِنَّ هَذِهِ النَّمْلَةَ اسْتَسْقَتْ فَاسْتُجِيبَ لَهَا». اهـ
و في فعل هذه النملة، الرد على أئمتكم و إن اختلفت عباراتهم إلا أن حقيقة أمرهم أنهم يجحدون أن الله فوق سماواته مستو على عرشه بائن من خلقه.
يقول أبو جعفر محمد بن عثمان العبسي في كتابه " العرش ":
" وأجمعَ الخلقُ جميعًا أنَّهم إذا دَعَوْا اللهَ جميعًا، رفعوا أيديهمْ إلى السَّماءِ، فلو كانَ اللهُ عزَّ وجلَّ في الأرضِ السُّفلى، ما كانوا يرفعونَ أيديهمْ إلى السَّماءِ وهو معهم في الأرضِ. ثمَّ تواترتِ الأخبارُ أنَّ الله تعالى خلقَ العرشَ فاسْتَوَى عليهِ بذاتِهِ. فَهُوَ فَوْقَ السَّماواتِ وفَوْقَ العَرْشِ بِذَاتِهِ مُتَخَلِّصًا منْ خلقهِ، بائنًا منهم، علمهُ في خلقهِ، لا يخرجونَ من علمهِ» اهـ
الوجه الخامس:
يقول القرطبي
الأشعري في " تفسيره ":
" قوله تعالى ثم استوى على العرش هذه مسألة الاستواء
؛ وللعلماء فيها كلام وإجراء . وقد بينا أقوال العلماء فيها في " الكتاب الأسنى
في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى " وذكرنا فيها هناك أربعة عشر قولا . والأكثر
من المتقدمين والمتأخرين أنه إذا وجب تنزيه الباري سبحانه عن الجهة والتحيز فمن ضرورة
ذلك ولواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين وقادتهم من المتأخرين تنزيهه
تبارك وتعالى عن الجهة ، فليس بجهة فوق عندهم ؛ لأنه يلزم من ذلك عندهم متى اختص بجهة
أن يكون في مكان أو حيز ، ويلزم على المكان والحيز الحركة والسكون للمتحيز ، والتغير
والحدوث . هذا قول المتكلمين .
وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة
ولا ينطقون بذلك ، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله
. ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة . وخص العرش بذلك لأنه أعظم
مخلوقاته ، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته . قال مالك رحمه الله
: الاستواء معلوم - يعني في اللغة- والكيف مجهول ، والسؤال عن هذا بدعة . وكذا قالت
أم سلمة رضي الله عنها ". اهـ
أفنترك ما كان عليه السلف الأول
و نأخد بكلامكم ؟.
بئس القوم نحن.
الوجه السادس:
قد صرح السلف بأن
الله جالس على عرشه بلا كيف
قال الذهبي في " العرش 155 ":
" ورواه أيضا عن أبيه [يعني عبد الله بن أحمد]، حدثنا
وكيع بحديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، عن عمر "إذا جلس الرب
على الكرسي". فاقشعر رجل سماه أبي عند وكيع، فغضب وكيع، وقال: أدركنا الأعمش وسفيان
يحدثون بهذه الأحاديث ولا ينكرونها ".اهـ
وقال ابن القيم في " اجتماع
الجيوش الإسلامية 158 ":
" وفي تفسير السدي عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن
عباس (الرحمن على العرش استوى) قال: قعد ". اهـ
و جاء في " فتح المجيد
في شرح التوحيد 1675 ":
" و قال الحكم أيضا: حدثنا محمد بن حاتم، ثنا الفضل
بن عباس، ثنا عبد الرحمن بن ثابت، عن يزيد بن هارون، عن عباد بن منصور، قال: سألت الحسن
وعكرمة، عن قوله {الرحمن على العرش استوى}، قالا: جلس. " اهـ
يريد الحكم بن معبد، و هذا
إسناد قوي.
وقال عبد الله بن أحمد في " السنة
50 ":
حدثني عباس العنبري، حدثنا
شاذ بن يحيى، سمعت يزيد بن هارون، وقيل، له: من الجهمية؟ فقال: «من زعم أن الرحمن على
العرش استوى على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمي».
و قال الخلال في " السنة
1691 ":
أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ
أَبُو جَعْفَرٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ خَارِجَةَ،
يَقُولُ: " الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ، بَلِّغُوا نِسَاءَهُمْ أَنَّهُنَّ طَوَالِقُ،
وَأَنَّهُنَّ لَا يَحْلِلْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ، وَلَا تَعُودُوا مَرْضَاهُمْ، وَلَا
تَشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ. ثُمَّ تَلَا: {طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}
[طه: 2] إِلَى قَوْلِهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، وَهَلْ
يَكُونُ الِاسْتِوَاءُ إِلَّا بِجُلُوسٍ؟ ".
و هذه نصيحة من إمام عسى أن ينفع الله بها
يقول أبو نعيم في " حلية
الأولياء 6/143 ":
" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ،
ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ
الْفَزَارِيُّ، قَالَ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: اصْبِرْ نَفْسَكَ عَلَى السُّنَّةِ وَقِفْ
حَيْثُ وَقَفَ الْقَوْمُ وَقُلْ بِمَا قَالُوا، وَكُفَّ عَمَّا كَفُّوا عَنْهُ وَاسْلُكْ
سَبِيلَ سَلَفِكَ الصَّالِحِ فَإِنَّهُ يَسَعُكُ مَا وَسِعَهُمْ ... "
هذا و صل اللهم على نبينا محمد
و على آله و صحبه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق