الحمد لله والصلاة
والسلام على رسول الله وبعد،
يقول الله - جل
في علاه - مخبرا عن موسى عليه السلام وقومه ( وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ
إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ
فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ
إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) ء
[البقرة 54].
قال سعيد بن جبير
ومجاهد :
"
قام بعضهم إلى بعض بالخناجر يقتل بعضهم بعضا لا يحن رجل على رجل قريب ولا بعيد ، حتى
ألوى موسى بثوبه ، فطرحوا ما بأيديهم ، فتكشف عن سبعين ألف قتيل. وإن الله أوحى إلى
موسى: أن حسبي فقد اكتفيت ! فذلك حين ألوى بثوبه ".
[تفسير
الطبري 935]
وقال قتادة:
"
أَمَرَ الْقَوْمَ بِشَدِيدٍ مِنَ الأَمْرِ، فَقَامُوا يَتَنَاحَرُونَ بِالشِّفَارِ،
فَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى بَلَغَ اللَّهُ فِيهِمْ نِقْمَتَهُ وَسَقَطَتِ
الشِّفَارُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، فَأَمْسَكَ عَنْهُمُ الْقَتْلَ. فَجَعَلَهُ لِحَيِّهِمْ
تَوْبَةً، وَلِلْمَقْتُولِ شَهَادَةً ".
[تفسير
ابن أبي حاتم 529]
وقال ابن زيد:
"
لما رجع موسى إلى قومه ، وكان سبعون رجلا قد اعتزلوا مع هارون العجل لم يعبدوه، فقال
لهم موسى: انطلقوا إلى موعد ربكم . فقالوا: يا موسى، أما من توبة؟ قال: بلى!(اقتلوا
أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم) الآية . فاخترطوا السيوف والجِرَزَة والخناجر
والسكاكين . قال: وبعث عليهم ضبابة ، قال: فجعلوا يتلامسون بالأيدي ، ويقتل بعضهم بعضا.
قال: ويلقى الرجل أباه وأخاه فيقتله ولا يدري ، ويتنادون فيها: رحم الله عبدا صبر نفسه
حتى يبلغ الله رضاه ... ".
[تفسير
الطبري 945].
يقول ابن جريج
:
"
وكان قتل بعضهم بعضا أن الله علم أن ناسا منهم علموا أن العجل باطل، فلم يمنعهم أن
ينكروا عليهم إلا مخافة القتال ، فلذلك أمر أن يقتل بعضهم بعضا ".
[تفسير
الطبري 943].
وما حالنا اليوم
من حال هؤلاء ببعيد، فهل من معتبر
وقد ألقي في قلوب
المسلمين الوهن وكراهية الموت فتركوا الجهاد فعوقبوا بنقيض مرادهم فانتزعت المهابة
من قلوب الأعداد وتسلطوا عليهم وأخذوا ما في أيديهم وهم ينظرون
يقول أبو القاسم
البغوي في الجعديات 2304 :
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ،
أنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كَتَبَ
خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى أَهْلِ فَارِسَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ:
«بِسْمِ
اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى رُسْتُمَ وَمِهْرَانَ،
وَمَلَأِ فَارِسَ سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا نَدْعُوكُمْ
إِلَى الْإِسْلَامِ،
فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَأَعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَأَنْتُمْ
صَاغِرُونَ،
فَإِنْ أَبَيْتُمْ، فَإِنَّ مَعِي قَوْمًا يُحِبُّونَ الْقَتْلَ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ كَمَا تُحِبُّ فَارِسُ الْخَمْرَ.
وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى».
فانظر إلى قوله
" فَإِنَّ مَعِي قَوْمًا يُحِبُّونَ الْقَتْلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ "، تعرف
المراد.
هذا وصل اللهم
على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق