السبت، 31 مايو 2014

سَاعَةُ الإِسْتِجَابَةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله، و بعد



فقد خرّج مسلم في صحيحه 852 :
حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك ح وحدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال " فِيهِ سَاعَة، لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَ هُوَ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللهَ شَيْئاً، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيّاه ".

و قال البخاري في صحيحه 893 :
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة، فقال :" فِيهِ سَاعَةٌ، لاَ يُوَافِقُهاَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللهَ تَعالى شيئًا، إلاَّ أَعْطَاهُ إيَّاه . وَ أَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا ".


و لعلّ البعض يعملون بظاهر الحديث (كما رأيت مرة في أحد المساجد)، فتجده قائما يصلي رافعا يديه يدعوا، و ليس الأمر كذلك !


فقد خرّج الترمذي في سننه 491 بسند صحيح:
حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك بن أنس عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال. قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه و سلم :" خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فيه الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فيه خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفِيهِ أُهْبِطَ منها وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يُصَلِّي فَيَسْأَلُ اللَّهَ فيها شيئا إلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ. "

قال أبو هُرَيْرَةَ: فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بن سَلَامٍ فَذَكَرْتُ له هذا الحديث فقال أنا أَعْلَمُ بِتِلْكَ السَّاعَةِ فقلت أَخْبِرْنِي بها ولا تَضْنَنْ بها عَلَيَّ قال: هِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ إلى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ. فقلت كَيْفَ تَكُونُ بَعْدَ الْعَصْرِ وقد قال رسول اللهِ صلى الله عليه و سلم " لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وهو يُصَلِّي " وَتِلْكَ السَّاعَةُ لَا يُصَلَّى فيها؟ فقال عبد اللَّهِ بن سَلَامٍ : أَلَيْسَ قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَهُوَ في صَلَاةٍ " قلت بَلَى قال فَهُوَ ذَاكَ. " اهـ  


و جاء في الصحيح المسند للوادعي (189) :
"... قال أبو هريرة : ثم لقيت عبد الله بن سلام فحدثته بمجلس مع كعب الأحبار ، وما حدثته به يوم الجمعة فقلت : قال كعب : ذلك في كل سنة يوم ، قال : قال عبد الله بن سلام : كذب كعب ، فقلت : ثم قرأ كعب التوراة فقال : بل هي في كل جمعة ، فقال عبد الله بن سلام : صدق كعب ، ثم قال عبد الله بن سلام : قد علمت أية ساعة هي ، قال أبو هريرة فقلت له : أخبرني بها : ولا تضن علي ، فقال عبد الله بن سلام : هي آخر ساعة في يوم الجمعة ، قال أبو هريرة : فقلت : وكيف تكون آخر ساعة من الجمعة وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي وتلك الساعة ساعة لا يصلي فيها ، قال عبد الله بن سلام : ألم يقل رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي قال أبو هريرة فقلت : بلى ، قال : فهو ذلك ".  اهـ







واستدل البعض بما جاء في الرواية الأخرى التي عند مسلم:
" أنها حين يجلس الإمام على المنبر يوم الجمعة إلى أن تقضي الصلاة ".




يقول أبو داود رحمه الله في " سننه ":
"إذا تنازع الخبران عن النبي صلى الله عليه و سلم، أنظر إلى عمل الصحابة من بعده"اهـ



و هذه قاعدة جدّ نافعة، و ما خرجه الترمذي رحمه الله من حديث أبي هريرة مع عبد الله بن سلام رضي الله عنهما بيّنٌ واضح، و هو الذي يُعول عليه في هذه المسألة !



قال ابن حجر في الفتح (2/418-422) بعد أن أذكر الأقوال:
" ولا شك أن أرجح الأقوال المذكورة حديث أبي موسى وحديث عبد الله بن سلام كما تقدم. قال المحب الطبري: أصح الأحاديث فيها حديث أبي موسى وأشهر الأقوال فيها قول عبد الله بن سلام. وما عداهما إما موافق لهما أو لأحدهما أو ضعيف الإسناد أو موقوف استند قائله إلى اجتهاد دون توقيف ولا يعارضهما حديث أبي سعيد في كونه رضي الله عنه أنسيها بعد أن علمها لاحتمال أن يكونا سمعا ذلك منه قبل أن أنسي. أشار إلى ذلك البيهقي وغيره ". اهـ


و قد استفدت من الأخ عبد الخليفي - وفقه الله -  أن هذا الحديث و إن كان في صحيح مسلم إلا أنه معلول بالقطع على أبي بردة الأشعري أعله بهذا الدارقطني ووافقه الشيخ مقبل الوادعي في " تحقيق الإلزامات " والشيخ ربيع المدخلي في كتابه " بين الإمامين ".

و قد راجعته في كتاب " بين الإمامين " فالحمد لله على توفيقه.



واستفدت منه أيضا ما خرجه عبد الرزاق في المصنف 5574  بسند صحيح، قال:
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّى السَّاعَةَ الَّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ» .
قَالَ ابْنُ طَاوُسٍ: وَمَاتَ أَبِي فِي سَاعَةٍ كَانَ يُحِبُّهَا، مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ.

(( الصحيح المسند من آثار طاوس بن كيسان رحمه الله ))




فالزمان: بعد صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس.
و المكان: في المسجد جالسا ينتظر الصلاة، فإذا كان كذلك فليدعوا بما شاء من خيري الدنيا و الآخرة.


أما قول عبد اللَّهِ بن سَلَامٍ رضي الله عنه: أَلَيْسَ قد قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه و سلم من جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَهُوَ في صَلَاةٍ قلت بَلَى قال فَهُوَ ذَاكَ

فهو ذاك: أي هو معنى قول رسول الله صلى الله عليه و سلم (لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وهو يُصَلِّي)


و أما قول أبي هريرة رضي الله عنه : " كَيْفَ تَكُونُ بَعْدَ الْعَصْرِ وقد قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه و سلم لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وهو يُصَلِّي وَتِلْكَ السَّاعَةُ لا يُصَلَّى فيها "
فالمُراد إذا ضعف شعاع الشمس و اتجهت جهة المغرب، لأن الصلاة بعد صلاة العصر من السُّنن إلا أن كثيرا من الناس تركوها، و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم.


فقد خرج مسلم في صحيحه 835:
حدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير ح وحدثنا ابن نمير حدثنا أبي جميعا عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت " مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ عِنْدِي قَطّ ".

 وقال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر ح وحدثنا علي بن حجر واللفظ له أخبرنا علي بن مسهر أخبرنا أبو إسحق الشيباني عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة قالت : " صَلاَتاَن مَا تَرَكَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي قَطّ، سِرًّا وَلاَ عَلاَنِية: رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الفَجْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ ".




 و الله تعالى أعلم
هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.

__________
1 - يقول المباركفوري في " تحفة الأحوذي ":
" ورواه الطبراني من رواية ابن لهيعة وزاد في آخره وهي قدر هذا وأشار إلى قبضته، وإسناده أصح من إسناد الترمذي، وقال العسقلاني يعني الحافظ ابن حجر في شرح البخاري: وروي هذا عن ابن عباس موقوفا عليه، رواه ابن جرير ورواه أيضا مرفوعا من حديث أبي سعيد الخدري، انتهى. وقال أحمد: أكثر الحديث في الساعة التي ترجى فيها إجابة الدعوة أنها بعد صلاة العصر وترجى بعد زوال الشمس ". اهـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق