الحمد لله و الصلاة و السلام على
رسول الله وبعد،
قال جل و علا ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ
اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ
وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ
الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ) - [ الإسراء 64 ]
قال الطبري في تفسيره:
- حَدَّثَنِي سُلَّمُ بْنُ
جَنَادَةَ ، قَالَ : ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، قَالَ : سَمِعْتُ لَيْثًا يَذْكُرُ
عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ ( وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ )
قَالَ : كُلُّ رَاكِبٍ وَمَاشٍ فِي مَعَاصِي اللَّهِ تَعَالَى .
- حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ
الْأَعْلَى ، قَالَ : ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ ( وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ ) قَالَ : إِنَّ لَهُ
خَيْلًا وَرِجَلًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ، وَهُمُ الَّذِينَ يُطِيعُونَهُ
." اهـ
وقال سعيد بن منصور في سننه 1292 :
حدَّثنا جرير، عن منصور، عن
إبراهيمَ، في قوله عز وجل {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ}، قال:
كُلُّ رَاكِبٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهُوَ مِنْ خَيْلِ إِبْلِيس،
..." اهـ
و فيه أن :
الراكب في المعصية راكب في خيله،
والماشي في المعصية من الْمُشَاة.
قال قتادة في قوله (وَ رَجِلِكَ): الرجال المشاة.(1)
و في هذه الآية من مكائد الشيطان،
إذا ما نظرت حولك ترى الشيء العجب:
- قوله تعالى (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ
اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) :
قال مجاهد في قوله (بِصَوْتِكَ) :
"باللهو و الغناء"(2).اهـ و هذا دعائه (قاله قتادة)(3).
- قوله تعالى (وَشَارِكْهُمْ فِي
الْأَمْوَالِ) :
قال مجاهد: "مَا أُكِلَ
مِنْ مَالٍ بِغَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ "اهـ.(4)
وقال مجاهد أيضا: قال إِبْلِيسُ: "إِنْ يُعْجِزْنِي ابْنُ آدَمَ فَلَنْ
يُعْجِزَنِي مِنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ : أَخْذِ مَالٍ بِغَيْرِ حَقِّهِ
، وَإِضَاعَةِ إِنْفَاقِهِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ ، وَمَنْعِهِ عَنْ
حَقِّهِ" .(5)
وقال قتادة والحسن:" قَدْ وَاللَّهِ شَارَكَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ ،
وَأَعْطَاهُمُ اللَّهُ أَمْوَالًا فَأَنْفَقُوهَا فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ فِي
غَيْرِ حَقِّ اللَّهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ "اهـ. (6)
وقال الحسن أيضا في قوله (
وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ ): "مُرْهُمْ أَنْ يَكْسِبُوهَا مِنْ خَبِيثٍ
، وَيُنْفِقُوهَا فِي حَرَامٍ "اهـ.(7)
و قال إبراهيم: " كُلُّ مَالٍ
أُخِذَ بِغَيْرِ حَقٍّ " اهـ (8)
- قوله تعالى (وَ الأَوْلاَدِ) :
قال مجاهد : "أَوْلَادُ
الزِّنَا" اهـ.(9)
وقال إبراهيم النخعي: "
أَوْلَادُ الزِّنَا "اهـ.(10)
وقال الحسن: " قَدْ
وَاللَّهِ شَارَكَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ، فَمَجَّسُوا
وَهَوَّدُوا وَنَصَّرُوا وَصَبَغُوا غَيْرَ صِبْغَةِ الْإِسْلَامِ وَجَزَّءُوا
مِنْ أَمْوَالِهِمْ جُزْءًا لِلشَّيْطَانِ."اهـ (11)
وقال قتادة : " قَدْ فَعَلَ
ذَلِكَ ، أَمَّا فِي الْأَوْلَادِ فَإِنَّهُمْ هَوَّدُوهُمْ وَنَصَّرُوهُمْ
وَمَجَّسُوهُمْ ." اهـ (12)
يقول الطبري في قوله تعالى (
وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا )
" يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ
لِإِبْلِيسٍ : وَعِدْ أَتْبَاعَكَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ ، النُّصْرَةَ عَلَى مَنْ
أَرَادَهُمْ بِسُوءٍ ، يَقُولُ اللَّهُ ( وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا
غُرُورًا ) لِأَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ إِذَا نَزَلَ
بِهِمْ شَيْئًا ، فَهُمْ مِنْ عِدَاتِهِ فِي بَاطِلٍ وَخَدِيعَةٍ ، كَمَا قَالَ
لَهُمْ عَدُوُّ اللَّهِ حِينَ حَصْحَصَ الْحَقُّ ( إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ
وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ
سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي
وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ
إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ ) ." اهـ
قال معمر بن راشد في جامعه 1121:
عَنْ قَتَادَةَ ، قَالَ : "
لَمَّا أُهْبِطَ إِبْلِيسُ قَالَ : أَيْ رَبِّ ! قَدْ لَعَنْتَهُ
فَمَا عَمَلُهُ ؟ قَالَ :
السِّحْرُ ،
قَالَ : فَمَا قِرَاءَتُهُ ؟ قَالَ
: الشِّعْرُ ،
قَالَ : فَمَا كِتَابُهُ ؟ قَالَ :
الْوَشْمُ ،
قَالَ : فَمَا طَعَامُهُ ؟ قَالَ :
كُلُّ مَيْتَةٍ وَمَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ،
قَالَ : فَمَا شَرَابُهُ ؟ قَالَ :
كُلُّ مُسْكِرٍ ،
قَالَ : فَأَيْنَ مَسْكَنُهُ ؟
قَالَ : الْحَمَّامُ ،
قَالَ : فَأَيْنَ مَجْلِسُهُ ؟
قَالَ : الأَسْوَاقُ ،
قَالَ : فَمَا صَوْتُهُ ؟ قَالَ :
الْمِزْمَارُ ،
قَالَ : فَمَا مَصَايِدُهُ ؟ قَالَ
: النِّسَاءُ " .اهـ
اللهم احفظنا و استرنا بالعافية، و
استعملنا في طاعتك يا من لا إله إلا أنت.
هذا و صل اللهم على نبينا محمد و
على آله وصحبه و سلم.
________
1، 2، 3، 4، 6، 7، 9، 11، 12:
تفسير الطبري.
5: الحلية لأبي نعيم
8، 10: سنن سعيد بن منصور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق