الجمعة، 29 أغسطس 2014

أَثْقَلُ شَيْءٍ عَلَى أَهْلِ النِّفَاق

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد؛




يقول الله تعالى 
( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ 19 يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَ إِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَ أَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 20 ) [البقرة]



يقول ابن القيم في " الوابل الصيب ":
" الصيب: المطر الذي يُصوب من السماء، أي ينزل منها بسرعة و هو مثل القرآن الذي به حياة القلوب كالمطر الذي به حياة الأرض و النبات و الحيوان، فأدرك المؤمنون ذلك منه، و علموا ما يحصل به من الحياة التي لا خطر لها، فلم يمنعهم منها ما فيه من الرعد و البرق و هو الوعيد و التهديد و العقوبات و المثلات التي حذر الله بها من خالف أمره، و أخبر أنه منزلها بمن كذَّب رسول الله صلى الله عليه و سلم، أو ما فيه من الأوامر الشديدة كجهاد الأعداء و الصبر على اللأواء، أو الأوامر الشاقة على النفوس التي هي بخلاف إرادتها فهي كالظلمات و الرعد و البرق، و لكن من علم مواضع الغيت و ما يحصل به من الحياة لم يستوحش لما معه من الظلمة و الرعد و البرق، بل يستأنس لذلك و يفرح به لما يرجو من الحياة و الخصب.
و أما المنافق فإنه لعمى قلبه لم يجاوز بصره الظلمة، و لم ير إلا برقا يكاد يخطف البصر، و رعدا عظيما و ظلمة، فاستوحش من ذلك و خاف منه، فوضع أصابعه في أذنيه لئلا يسمع صوت الرعد، و هاله مشاهدة ذلك البرق و شدة لمعانه و عِظَمِ نوره فهو خائف أن يتخطفه معه بصره، لأن بصره أضعف أن يثبت معه، فهو في ظلمة يسمع أصوات الرعد القاصف، و يرى ذلك البرق الخاطف، فإن أضاء له ما بين يديه مشى في ضوئه، و إن فقد الضوء قام متحيرا لا يرى أين يذهب، و لجهله لا يعلم أن ذلك من لوازم الصيب الذي به حياة الأرض و النبات، و حياته هو في نفسه، بل لا يدرك إلا رعدا و برقا و ظلمة، و لا شعور له بما وراء ذلك، فالوحشة لازمة له، و الرعب والفزع لا يفارقه، و أما من أنس بالصيب، و علم ما يحصل به من الخيرات و الحياة و النفع و علم أنه لابد فيه من رعد و برق و ظلمة بسبب الغيم، استأنس بذلك و لم يستوحش منه، و لم يقطعه ذلك عن أخذه بنصيبه من الصيب.

فهذا مثل مطابق للصيب الذي نزل به جبريل عليه السلام من عند رب العالمين تبارك و تعالى على قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم، ليحيى به القلوب و الوجود أجمع، اقتضت حكمته أن يقارنه من الغيم و الرعد و البرق ما يقارن الصيب من الماء، حكمة بالغة و أسبابا منتظمة نظمها العزيز الحكيم، فكان حظ المنافق من ذلك الصيب سحابهُ و رعوده و بروقه فقط، لم يعلم ما وراءه، فاستوحش بما أنس به المؤمنون، وارتاب بما اطمأن به العالمون، وشك فيما تيقنه المبصرون العارفون." اهـ. 




يقول ابن أبي شيبة في " المصنف " :
حَدَّثَنَا عَفَّانَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ قَالَ : سَمِعْت أَبَا الْجَوْزَاءِ يَقُولُ : " نَقْلُ الْحِجَارَةِ أَهْوَنُ عَلَى الْمُنَافِقِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ " ،. وَقَالَ سَعِيدٌ : أَخَفُّ عَلَى الْمُنَافِقِ.


أبو الجوزاء هو أوس بن عبد الله بن خالد البصري.





فنعوذ  بالله من حال أهل النفاق


هذا  و صل اللهم على نبينا محمد و على آله  وصحبه و سلم.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق