الحمد لله و الصلاة و السلام
على رسول الله و بعد،
فالرياء محبط للأعمال
:
يقول مسلم في " صحيحه
" : بَاب مَنْ أَشْرَكَ فِي عَمَلِهِ غَيْرَ اللَّهِ / 2985
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ
حَرْبٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ
عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ
فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ ".اهـ
و قال أبو نعيم في
" الحلية ":
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثَنَا عبد الله بن أبي داود ، قَالَ : ثَنَا محمود بن خالد قَالَ
:ثَنَا عُمَرْ بَنْ عَبْدِ الوَاحِد ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي
كَثِيرٍ ، قَالَ : " إِنَّ الْمَلَكَ لَيَصْعَدُ بِعَمَلِ الْعَبْدِ مُبْتَهِجًا إِلَى
اللَّهِ تَعَالَى ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى اجْعَلُوهُ فِي سِجِّينٍ إِنِّي لَمْ
أُرَدْ بِهَذَا الْعَمَلِ." اهـ
و الكبرياء موجب للنيران،
و هو أول الذنوب
يقول ابن أبي حاتم في
" تفسيره 364 ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ثنا سَعِيدٌ
بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ: قَوْلُهُ ( أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ
الْكَافِرِينَ ) حَسَدَ عَدُوُّ اللَّهِ إِبْلِيسُ آدَمَ عَلَى مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ
مِنَ الْكَرَامَةِ، وَقَالَ: أَنَا نَارِيٌّ وَهَذَا طِينِيٌّ. فَكَانَ بَدْءُ الذُّنُوبِ
الْكِبْرَ، اسْتَكْبَرَ عَدُوُّ اللَّهِ أَنْ يَسْجُدَ لآدَمَ.
و قال محمد بن فضيل الضبي في " الدعاء 107
" :
حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ ، قَالَ عَبْدُ
اللَّهِ " إِنَّ مِنْ أَحَبِّ الْكَلامِ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ
: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ ، وَتَعَالَى جَدُّكَ
، وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ . قَالَ : إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي ، فَاغْفِرْ لِي ،
إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ ،
وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الذُّنُوبِ عِنْدَ
اللَّهِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : اتَّقِ اللَّهَ ، فَيَقُولَ : عَلَيْكَ
نَفْسَكَ " . اهـ
و هذا معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم " الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ " : أي رده.
و قال ابن أبي الدنيا في
" التواضع 197":
حَدَّثَنَا أَحْمَد بَنْ
مَنِيع، حَدَّثَنَا مَرْوَان بَنْ شُجَاع، عَنْ إِبْرَاهِيم بْنَ أَبِي عبلة، عَنْ
أَبِي سَلَمَة بَن عَبْد الرَّحْمَن قاَلَ: الْتَقَى عَبْدُ اللهِ بْنَ عُمَر وَعَبْدُ
اللهِ بَنْ عَمْرُو عَلَى المَرْوَة فَتَوَافَقَا فَمَضَى ابْن عَمْرُو وَأَقَامَ ابْن
عُمَرَ يَبْكِي قَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن؟ هَذَا يَعْنيِ ابْنَ
عَمْرُو زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
" مَنْ كَانَ فِي قَلْبِِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْر أَكَبَّهُ اللهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي
النَّارِ " . اهـ
و هذاالوعيد لمن كان في قلبه مثقال حبة خردل من كبر، فكيف بمن امتلأ قلبه كبرا ؟ و العياذ بالله
و من أجل هذا كان لزاما
على المرأ أن يفتش قلبه و ينظر في حركاته و يحرص على طهارته. حتى إذا علم بإصابته استعمل الدواء
قال جل و علا في أعظم سورة
في كتابه ( إِيّاكَ نَعْبُدُ وإِيّاكَ نَسْتَعِينُ ) - [الفاتحة 4]
يقول ابن القيم في
" المدارج ":
" فَإِنَّ هَذَا الدَّوَاءَ مُرَكَّبٌ
مِنْ سِتَّةِ أَجْزَاءٍ (1) عُبُودِيَّةِ اللَّهِ لَا غَيْرِهِ (2) بِأَمْرِهِ
وَشَرْعِهِ (3) لَا بِالْهَوَى (4) وَلَا بِآرَاءِ الرِّجَالِ وَأَوْضَاعِهِمْ
، وَرُسُومِهِمْ ، وَأَفْكَارِهِمْ (5) بِالِاسْتِعَانَةِ عَلَى عُبُودِيَّتِهِ بِهِ
(6) لَا بِنَفْسِ الْعَبْدِ وَقُوَّتِهِ وَحَوْلِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ .
فَهَذِهِ هِيَ أَجْزَاءُ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فَإِذَا رَكَّبَهَا الطَّبِيبُ اللَّطِيفُ
، الْعَالِمُ بِالْمَرَضِ ، وَاسْتَعْمَلَهَا الْمَرِيضُ ، حَصَلَ بِهَا الشِّفَاءُ
التَّامُّ ، وَمَا نَقَصَ مِنَ الشِّفَاءِ فَهُوَ لِفَوَاتِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا
، أَوِ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ .
ثُمَّ إِنَّ الْقَلْبَ
يَعْرِضُ لَهُ مَرَضَانِ عَظِيمَانِ ، إِنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُمَا الْعَبْدُ تَرَامَيَا
بِهِ إِلَى التَّلَفِ وَلَا بُدَّ ، وَهُمَا الرِّيَاءُ ، وَالْكِبْرُ ، فَدَوَاءُ
الرِّيَاءِ بِ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) وَدَوَاءُ الْكِبْرِ بِ (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
.
وَكَثِيرًا مَا كُنْتُ
أَسْمَعُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ يَقُولُ
: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) تَدْفَعُ الرِّيَاءَ (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) تَدْفَعُ الْكِبْرِيَاءَ
.
فَإِذَا عُوفِيَ مِنْ مَرَضِ
الرِّيَاءِ بِ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) وَمِنْ مَرَضِ الْكِبْرِيَاءِ وَالْعُجْبِ بِ (إِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ) وَمِنْ مَرَضِ الضَّلَالِ وَالْجَهْلِ بِ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)
عُوفِيَ مِنْ أَمْرَاضِهِ وَأَسْقَامِهِ ، وَرَفَلَ فِي أَثْوَابِ الْعَافِيَةِ ، وَتَمَّتْ
عَلَيْهِ النِّعْمَةُ ، وَكَانَ مِنَ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ
عَلَيْهِمْ وَهُمْ أَهْلُ فَسَادِ الْقَصْدِ ، الَّذِينَ عَرَفُوا الْحَقَّ وَعَدَلُوا
عَنْهُ، وَالضَّالِّينَ وَهُمْ أَهْلُ فَسَادِ الْعِلْمِ ، الَّذِينَ جَهِلُوا الْحَقَّ
وَلَمْ يَعْرِفُوهُ . " اهـ
هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق