سورة آل عمران [ 131 - 140 ]
[سورة آل عمران]
قوله تعالى ( الَّذِينَ يُنفِقُونَ
فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ
وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )
760 - قال
الطبري " 7840 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا
يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْلهُ: " الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء
وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ "، قَوْمٌ أَنْفَقُوا فِي العُسْرِ وَاليُسْرِ، وَالجَهْدِ وَالرَّخَاءِ،
فَمَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَغْلِبَ الشَّرَّ بِالخَيْرِ فَلْيَفْعَل، وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ
بِاللهِ. فَنِعْمَت وَاللهِ يَا ابْنَ آدَمَ، الجَرْعَةَ تَجْتَرِعُهَا مِنْ صَبْرٍ
وَأَنْتَ مُغِيظٌ، وَأَنْتَ مَظْلُومٌ. (1)
قوله تعالى ( وَالَّذِينَ إِذَا
فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ
لِذُنُوبِهِمْ
وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ
عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (2)
761 - قال
الطبري " 7857 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا
يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْلهُ: " وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا
فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ "، فَإِيَّاكُمْ وَالإِصْرَار، فَإِنَّمَا هَلَكَ
المُصِرُّونَ، المَاضُونَ قُدُمًا، لاَ تَنْهَاهُمْ مَخَافَةُ اللهِ عَنْ حَرَامٍ حَرَّمَهُ
اللهُ عَلَيْهِمْ، وَلاَ يَتُوبُونَ مِنْ ذَنْبٍ أَصَابُوهُ، حَتَّى أَتَاهُمُ المَوْتُ
وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
762 - و قال عبد الرزاق "
463 ":
أنا مَعْمَرٌ ، عَنِ الْحَسَنِ ،
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} [آل عمران: 135] قَالَ:
إِتْيَانُ الذَّنْبِ عَمْدًا إِصْرَارًا، حَتَّى يَتُوبَ.
وَتَلَاهَا قَتَادَةُ قَالَ: «قُدُمًا فِي مَعَاصِي اللَّهِ
، لَا تَنْهَاهُمْ مَخَافَةُ اللَّهِ حَتَّى جَاءَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ».
763 - و قال
الطبري " 7858 ":
حَدَّثَنَا الحَسَنْ بَنْ يَحْيَى
قَالَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ:
" وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ "؟ قَالَ: قُدُمًا
قُدُمًا فِي مَعَاصِي اللهِ!! لاَ تَنْهَاهُمْ مَخَافَةُ اللهِ، حَتَّى جَاءَهُمْ أَمْرُ
اللهِ.
قوله تعالى ( قَدْ خَلَتْ مِن
قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
)
764 - قال
الطبري " 7871 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا
يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْلهُ: " قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ
سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
"، يَقُولُ: مَتَّعَهُمْ فِي الدُّنْيَا قَلِيلاً ثُمَّ صَيَّرَهُمْ إِلَى النَّارِ.
765 - و قال
ابن أبي حاتم " 4205 ":
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ
الطُّوسِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرُّوذِيُّ،
ثنا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ (فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)
قَالَ: عَاقِبَةُ الأَوَّلِينَ وَالأُمَمِ قَبْلَكُمْ. قَالَ: كَانَ سُوءُ عَاقِبَتِهِمْ
مَتَّعَهُمُ اللَّهُ قَلِيلاً، ثُمَّ صَارُوا إِلَى النَّارِ.
766 - و قال
" 4206 ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى،
أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ،
عَنْ قَتَادَةَ
(فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) قَالَ: بِئْسَ وَاللَّهِ كَانَ
عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَأَهْلَكَهُمْ، ثُمَّ صَيَّرَهُمْ
إِلَى النَّارِ.
قوله تعالى ( هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ
وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ )
767 - قال
الطبري " 7874 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا
يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْلهُ: " هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ
"، وَهُوَ هَذَا القُرْآن، جَعَلَهُ اللهُ بَيَانًا لِلنَّاسِ عَامَّةً،
" وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ " خُصُوصًا.
قوله تعالى ( وَلا تَهِنُوا (3)وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ
كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )
768 - قال
الطبري " 7885 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا
يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْلهُ: " وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا
وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ "، يُعَزِّي أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَسْمَعُونَ، وَيَحُثُّهُمْ عَلَى قِتَالِ عَدُوِّهِمْ،
وَيَنْهَاهُمْ عَنِ العَجْزِ وَالوَهِنِ فِي طَلَبِ عَدُوِّهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ.
قوله تعالى ( إِنْ يَمْسَسْكُمْ
قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ )
769 - قال
الطبري " 7896 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا
يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْلهُ: " إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ
مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ "، وَالقَرْحُ الجِرَاحَةُ، وَذَاكُمْ يَوْمَ
أُحُدٍ، فَشَا فِي أَصْحَابِ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ
القَتْلُ وَالجِرَاحَةُ، فَأَخْبَرَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ القَوْمَ قَدْ أَصَابَهُمْ
مِنْ ذَلِكَ مِثْلُ الَّذِي أَصَابَكُمْ، وَأَنَّ الَّذِي أَصَابَكُمْ عُقُوبَةٌ.
قوله تعالى ( وَتِلْكَ الأَيَّامُ
نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ )
770 - قال
الطبري " 7903 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا
يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْلهُ: " وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا
بَيْنَ النَّاسِ "، إِنَّهُ وَاللهِ لَوْلاَ الدُّوَلُ مَا أُوذِيَ المُؤْمِنُونَ،
وَلَكِنْ قَدْ يُدَالُ لِلْكَافِرِ مِنَ المُؤْمِنِ، وَيُبْتَلَى المُؤْمِنُ بِالكَافِرِ،
لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يُطِيعُهُ مِمَّنْ يَعْصِيهِ، وَيَعْلَمَ الصَّادِقَ مِنَ الكَاذِبِ.(4)
قوله تعالى ( وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ
الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء )
771 - قال
الطبري " 7914 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا
يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْلهُ: " وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ
آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء "، فَكَرَّمَ اللهُ أَوْلِيَاءَهُ بِالشَّهَادَةِ
بِأَيْدِي عَدُوِّهِمْ، ثُمَّ تَصِيرُ حَوَاصِلُ الأُمُورِ وَعَوَاقِبَهَا لِأَهْلِ
طَاعَةِ اللهِ.
[يتبع بإذن الله]
_______
1/ يقول ابن أبي شيبة في " المصنف ": حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : مَا تَجَرَّعَ عَبْدٌ جَرْعَةً أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ أَجْرًا مِنْ جَرْعَةٍ كَظَمَهَا لِلَّهِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ". اهـ
يقول ابن أبي حاتم في " المراسيل 151 ": حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل قال قال أبي: " سمع الحسن من أنس بن مالك ومن ابن مغفل يعني عبدالله بن مغفل ومن ابن عمر ". اهـ
2/ يقول الطبري في " تفسيره 7852 ": حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني قال: بلغني أن إبليس حين نزلت هذه الآية: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم) ، بكى ".اهـ و قال سعيد بن منصور في " تفسيره نَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، قَالَا: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: " إِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَآيَتَيْنِ، مَا أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَرَأَهُمَا، فَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، إِلَّا غَفَرَ لَهُ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 135] ، " وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110] ".
3/ قال مجاهد في قول الله عز وجل: "ولا تهنوا": ولا تضعفوا.اهـ [تفسير الطبري 7887 بسند صحيح].
4/ فيه الرد
على الزنادقة القائلين بأن الله يفعل بلا حكمة و لا علة. يقول الرازي الأشعري في
" الأربعين في أصول الدين 249 ": " المسألة السادسة والعشرون:في أنه
لا يجوز أن تكون أفعاله تعالى معللة بعلة البتة ". اهـ و قال الآمدي الأشعري في " غاية المرام في
علم الكلام 224 ": "مذهب أهل الحق أن الباري تعالى خلق العالم وأبدعه لا
لغاية يستند الإبداع إليها، ولا لحكمة يتوقف الخلق عليها، بل كل ما أبدعه من خير وشر
ونفع وضر لم يكن لغرض قاده إليه، ولا لمقصد أوجب الفعل عليه ". اهـ و هذا مذهب
أهل الباطل بلا شك، و فيه معارضة صريحة للنصوص، و تأمل كلام قتادة هذا نفيس جدا. يبين
لك أن القوم على ضلالة. و قال جل و علا في الآية التي بعدها ( وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ
الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ )، قال مجاهد: " (وَلِيُمَحِّصَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا) قَالَ: لِيَبْتَلِي ".اهـ [تفسير الطبري 7918 بسند
صحيح]. أليست هذه علة معاشر الحمقى !؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق