سورة المائدة [ 51 - 60 ]
[سورة المائدة]
قوله تعالى (فَتَرَى الَّذِينَ
فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ
(1))
1157 - قال
الطبري " 12170 ":
حَدَّثَنَا بِشْر بَنْ مُعَاذ قَالَ،
حَدَّثَنَا يَزِيد بَنْ زُرَيْع قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة قَوْلهُ:
"فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ" إِلَى قَوْلِهِ: "نَادِمِينَ"،
أُنَاسٌ مِنَ المنَافِقِينَ كَانُوا يُوَادُّونَ اليَهُودَ وَيُنَاصِحُونَهُمْ دُونَ
المؤْمِنِينَ.
قوله تعالى ( فَعَسَى اللَّهُ
أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ )
1158 - قال
الطبري " 12172 ":
حَدَّثَنَا بِشْر بَنْ مُعَاذ قَالَ،
حَدَّثَنَا يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة: "فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ
بِالْفَتْحِ"، قَالَ: بِالقَضَاءِ.
قوله تعالى ( فَيُصْبِحُواْ عَلَى
مَا أَسَرُّواْ فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ )
1159 - قال
الطبري 12175 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا
يَزِيد قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة: "فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي
أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ"، مِنْ مَوَادَّتِهِمُ اليَهُودَ، وَمِنْ غِشِّهِمْ لِلْإِسْلاَمِ
وَأَهْلِهِ.
1160 - و قال
ابن أبي حاتم " 6528 ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى
ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ:
(فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) يَقُولُ: مِنْ مُوَادَّتِهِمُ
الْيَهُودَ وَغِشِّهِمُ الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ.
قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ
وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ )
1161 - قال
الطبري " 12184 ":
حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ، حَدَّثَنَا
يَزِيد بَنْ زُرَيْع قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة: "مَنْ يَرْتَدَّ
مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ"،
إِلَى قَوْلِهِ: "وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"، أَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ
وَقَدْ عَلِمَ أَنْ سَيَرْتَدُّ مُرْتَدُّونَ مِنَ النَّاسِ، فَلَمَّا قَبَضَ اللهُ
نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ارْتَدَّ عَامَّةُ العَرَبِ
عَنِ الإِسْلاَمِ إِلاَّ ثَلاَثَةُ مَسَاجِد: أَهْلُ المدِينَةِ، وَأَهْلُ مَكَّةَ،
وَأَهْلُ البَحْرَيْنِ مِنْ عَبْدِ القَيْس. قَالُوا: نُصَلِّي وَلاَ نُزَكِّي، وَاللهِ
لاَ تُغْصَبُ أَمْوَالُنَا! فَكُلِّمَ أَبُو بَكْر فِي ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ
لَوْ قَدْ فُقِّهُوا لِهَذَا أَعْطَوْهَا، أَوْ: أَدَّوْهَا. فَقَالَ: لاَ وَاللهِ،
لاَ أُفَرِّقُ بَيْنَ شَيْءٍ جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُ، وَلَوْ مَنَعُوا عِقَالاً مِمَّا
فَرَضَ اللهُ وَرَسُولُهُ لَقَاتَلْنَاهُمْ عَلَيْهِ! فَبَعَثَ اللهُ عِصَابَةً مَعَ
أَبِي بَكْرٍ، فَقَاتَلَ عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، حَتَّى سَبَى وَقَتَلَ وَحَرَّقَ بِالنِيرَانِ أُنَاسًا (2) ارْتَدُّوا
عَنِ الإِسْلاَمِ وَمَنَعُوا الزَّكَاةَ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى أَقَرُّوا بِالمَاعُونِ
- وَهِيَ الزَّكَاةُ - صَغِرَةً أَقْمِيَاء. فَأَتَتْهُ وُفُودُ العَرَبِ، فَخَيَّرَهُمْ
بَيْنَ خُطَّةٍ مُخْزِيَةٍ أَوْ حَرْبٍ مُجْلِيَةٍ. فَاخْتَارُوا الخُطَّةَ المخْزِيَةَ،
وَكَانَتْ أَهْوَن عَلَيْهِمْ أَنْ يُقِرُّوا: أَنَّ قَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ، وَأَنَّ
قَتْلَى المؤْمِنِينَ فِي الجَنَّةِ، وَأَنَّ مَا أَصَابُوا مِنَ المسْلِمِينَ مِنْ
مَالٍ رَدُّوهُ عَلَيْهِمْ، وَمَا أَصَابَ المسْلِمُونَ لَهُمْ مِنْ مَالٍ فَهُوَ لَهُمْ
حَلاَلٌ.
[يتبع بإذن الله]
_______
1/ يقول ابن أبي حاتم في " تفسيره 6522 ": حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شبانة، ثنا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ: (يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ) يَقُولُ: نَخْشَى أَنْ تَكُونَ الدَّائِرَةُ لِلْيَهُودِ بِالْفَتْحِ حِينَئِذٍ.
2/ استغربت
أن يكون أبو بكر رضي الله عنه حرق المرتدين بالنار إلا أن يكون قد رماهم بها بالمنجنيق،
و قد أفادني الأخ عبد الله الخليفي أنه فعل خالد بن الوليد و ليس أبو بكر. قال - وفقه
الله -: " في الواقع كان هذا فعل خالد وأنكره عمر أمام الصديق. قال عبد الرزاق
عن معمر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : حرق خالد بن الوليد ناسا من أهل الردة ،
فقال عمر لأبي بكر : " أتدع هذا الذي يعذب بعذاب الله " فقال أبو بكر :
" لا أشيم سيفا سله الله على المشركين ". ولو كان خالد فعل هذا بأمر الصديق
لوجه عمر نقده إلى الصديق مباشرة. وعلل الصديق
عدم عزله بأنه سيف سله الله ولم يقل لعمر أنه لم يفعل شيئاً خطأً. فما مبرر موقف الصديق
هذا ؟ فيقال : خالد بن الوليد قيادة عسكرية فذة وما فعله فعله عن تأويل وغضب للدين
ولم يكن في الفقه كعمر ، والناس في حاجة ماسة له في حروب الردة ، والصديق شديد الاتباع
للنبي صلى الله عليه وسلم. وقد كانت وقعت زلة من خالد هي أعظم من هذه في زمن النبي
صلى الله عليه وسلم فقتل الذين قالوا ( صبأنا صبأنا ) فقال النبي ( اللهم إني أبرأ
إليك مما فعل خالد ) ولم يعزله. ويحتمل أن يكون الإحراق الذي فعله هو الرمي بالمنجنيق
وهذا يجيزه عامة الفقهاء ".انتهى.
يقول ابن قدامة في " المغني
ص 230 ": " فَأَمَّا رَمْيُهُمْ قَبْلَ أَخْذِهِمْ بِالنَّارِ، فَإِنْ أَمْكَنَ
أَخْذُهُمْ بِدُونِهَا، لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ بِهَا؛ لِأَنَّهُمْ فِي مَعْنَى الْمَقْدُورِ
عَلَيْهِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُمْ بِغَيْرِهَا، فَجَائِزٌ، فِي قَوْلِ
أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ.
وَرَوَى سَعِيدٌ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ صَفْوَانِ بْنِ عَمْرٍو، وَحَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ
أَنَّ جُنَادَةَ بْنَ أُمَيَّةَ الْأَزْدِيَّ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ الْفَزَارِيَّ،
وَغَيْرَهُمَا مِنْ وُلَاةِ الْبَحْرَيْنِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، كَانُوا يَرْمُونَ الْعَدُوَّ
مِنْ الرُّومِ وَغَيْرِهِمْ بِالنَّارِ، وَيُحَرِّقُونَهُمْ، هَؤُلَاءِ لِهَؤُلَاءِ،
وَهَؤُلَاءِ لِهَؤُلَاءِ. قَالَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ : لَمْ يَزُلْ أَمْرُ الْمُسْلِمِينَ
عَلَى ذَلِكَ ".اهـ
و قال أيضا: " وَيَجُوزُ نَصْبُ
الْمَنْجَنِيقِ عَلَيْهِمْ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ جَوَازُهُ مَعَ الْحَاجَةِ
وَعَدَمِهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ
عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ. وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ،
وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: جَاءَ الْحَدِيثُ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ
عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ
عَلَى أَهْلِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة. وَلِأَنَّ الْقِتَالَ بِهِ مُعْتَادٌ، فَأَشْبَهَ
الرَّمْيَ بِالسِّهَامِ".اهـ
و أما قصة تحريق أبي بكر للفجاءة
السلمي فهي باطلة، يراجع بحث الأخ عبد الله الخليفي - وفقه الله - " بحث في قصة
الفجاءة السلمي وتحريق أبي بكر الصديق له ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق