الحمد لله و الصلاة و السلام
على رسول الله وبعد،
قال الله عز و جل ( قُلْ أَطِيعُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ
وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ
إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) [النور 54]
يقول يحيى بن سلام في " تفسيره
1/458 ":
" قَوْلُهُ: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ} [النور: 54] يَعْنِي: النَّبِيَّ.
{تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [النور: 54] ".اهـ
و قال الطبري في " تفسيره 19/207 ":
" وَإِنْ تُطِيعُوا - أَيُّهَا النَّاسُ - رَسُولَ اللهِ فِيمَا
يَأْمُرُكُمْ وَيَنْهَاكُمْ تَرْشُدُوا وَتُصِيبُوا الحَقَّ فِي أُمُورِكُمْ
". اهـ
بل العجب، أن الدجال - شرّ غائب يُنتظر، و لم يأت نبي إلا حذر أمته منه ، و لا يصلي مسلم صلاة إلا تعوذ بالله من شر فتنته - يوصي
بطاعة النبي صلى الله عليه و سلم
فقد خرج مسلم في صحيحه 5239 قال
:
" حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ
الْوَارِثِ ، وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ كِلَاهُمَا ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ وَاللَّفْظُ
لِعَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ جَدِّي ، عَنْ
الْحُسَيْنِ بْنِ ذَكْوَانَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُرَيْدَةَ ، حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ
شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيُّ شَعْبُ هَمْدَانَ ، أَنَّهُ سَأَلَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ
أُخْتَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ ، فَقَالَ
: حَدِّثِينِي حَدِيثًا سَمِعْتِيهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَا تُسْنِدِيهِ إِلَى أَحَدٍ غَيْرِهِ ، فَقَالَتْ : لَئِنْ شِئْتَ لَأَفْعَلَنَّ
؟ ، فَقَالَ لَهَا : أَجَلْ حَدِّثِينِي ، فَقَالَتْ : نَكَحْتُ ابْنَ الْمُغِيرَةِ
وَهُوَ مِنْ خِيَارِ شَبَابِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ ، فَأُصِيبَ فِي أَوَّلِ الْجِهَادِ
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا تَأَيَّمْتُ خَطَبَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَخَطَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَى مَوْلَاهُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، وَكُنْتُ قَدْ حُدِّثْتُ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " مَنْ أَحَبَّنِي
فَلْيُحِبَّ أُسَامَةَ " ، فَلَمَّا كَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْتُ : أَمْرِي بِيَدِكَ فَأَنْكِحْنِي مَنْ شِئْتَ ، فَقَالَ
: " انْتَقِلِي إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ ، وَأُمُّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ غَنِيَّةٌ مِنْ
الْأَنْصَارِ عَظِيمَةُ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَنْزِلُ عَلَيْهَا الضِّيفَانُ
" ، فَقُلْتُ : سَأَفْعَلُ ، فَقَالَ : " لَا تَفْعَلِي إِنَّ أُمَّ شَرِيكٍ
امْرَأَةٌ كَثِيرَةُ الضِّيفَانِ ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْكِ خِمَارُكِ
أَوْ يَنْكَشِفَ الثَّوْبُ عَنْ سَاقَيْكِ ، فَيَرَى الْقَوْمُ مِنْكِ بَعْضَ مَا تَكْرَهِينَ
، وَلَكِنْ انْتَقِلِي إِلَى ابْنِ عَمِّكِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ أُمِّ
مَكْتُومٍ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فِهْرٍ فِهْرِ قُرَيْشٍ ، وَهُوَ مِنَ الْبَطْنِ
الَّذِي هِيَ مِنْهُ " ، فَانْتَقَلْتُ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتِي
سَمِعْتُ نِدَاءَ الْمُنَادِي مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُنَادِي الصَّلَاةَ جَامِعَةً ، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكُنْتُ فِي صَفِّ النِّسَاءِ الَّتِي
تَلِي ظُهُورَ الْقَوْمِ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ ، فَقَالَ : "
لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ " ، ثُمَّ قَالَ : " أَتَدْرُونَ
لِمَ جَمَعْتُكُمْ ؟ " ، قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ :
" إِنِّي وَاللَّهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ ، وَلَكِنْ
جَمَعْتُكُمْ لِأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا ، فَجَاءَ
فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ
عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ ، حَدَّثَنِي أَنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مَعَ
ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ ، فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْرًا فِي
الْبَحْرِ ، ثُمَّ أَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ حَتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ
، فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبْ السَّفِينَةِ ، فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ ، فَلَقِيَتْهُمْ
دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ
كَثْرَةِ الشَّعَرِ ، فَقَالُوا : وَيْلَكِ مَا أَنْتِ ؟ ، فَقَالَتْ : أَنَا الْجَسَّاسَةُ
، قَالُوا : وَمَا الْجَسَّاسَةُ ؟ ، قَالَتْ : أَيُّهَا الْقَوْمُ انْطَلِقُوا إِلَى
هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ ، قَالَ
: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا ، فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً ، قَالَ
: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ
رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا ، وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ
مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ ، قُلْنَا : وَيْلَكَ مَا أَنْتَ
؟ ، قَالَ : قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي ، فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ ؟ ، قَالُوا
: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ رَكِبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ ، فَصَادَفْنَا
الْبَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ ، فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْرًا ، ثُمَّ أَرْفَأْنَا
إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ ، فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِهَا فَدَخَلْنَا الْجَزِيرَةَ
، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ لَا يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ
دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ ، فَقُلْنَا : وَيْلَكِ مَا أَنْتِ ؟ ، فَقَالَتْ
: أَنَا الْجَسَّاسَةُ ، قُلْنَا : وَمَا الْجَسَّاسَةُ ؟ ، قَالَتْ : اعْمِدُوا إِلَى
هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ ، فَأَقْبَلْنَا
إِلَيْكَ سِرَاعًا وَفَزِعْنَا مِنْهَا ، وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً
، فَقَالَ : أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ ؟ ، قُلْنَا : عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا
تَسْتَخْبِرُ ؟ ، قَالَ : أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا هَلْ يُثْمِرُ ؟ ، قُلْنَا لَهُ
: نَعَمْ ، قَالَ : أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لَا تُثْمِرَ ؟ ، قَالَ : أَخْبِرُونِي
عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ ؟ ، قُلْنَا : عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ ؟
، قَالَ : هَلْ فِيهَا مَاءٌ ؟ ، قَالُوا : هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ ، قَالَ : أَمَا
إِنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ ؟ ، قَالَ : أَخْبِرُونِي عَنْ عَيْنِ زُغَرَ
؟ ، قَالُوا : عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ ؟ ، قَالَ : هَلْ فِي الْعَيْنِ مَاءٌ
وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ الْعَيْنِ ؟ ، قُلْنَا لَهُ : نَعَمْ ، هِيَ كَثِيرَةُ
الْمَاءِ وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا ، قَالَ : أَخْبِرُونِي عَنْ نَبِيِّ
الْأُمِّيِّينَ مَا فَعَلَ ؟ ، قَالُوا : قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ
، قَالَ : أَقَاتَلَهُ الْعَرَبُ ؟ ، قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ
، فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ وَأَطَاعُوهُ
، قَالَ لَهُمْ : قَدْ كَانَ ذَلِكَ ؟ ، قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : أَمَا إِنَّ
ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ ، وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي: إِنِّي
أَنَا الْمَسِيحُ ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ ، فَأَخْرُجَ
فَأَسِيرَ فِي الْأَرْضِ ، فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ
لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ ، وَطَيْبَةَ فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا
، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي
مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا يَصُدُّنِي عَنْهَا ، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ
مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِي الْمِنْبَرِ ، هَذِهِ طَيْبَةُ ،
هَذِهِ طَيْبَةُ ، هَذِهِ طَيْبَةُ يَعْنِي الْمَدِينَةَ ، أَلَا هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ
ذَلِكَ ؟ ، فَقَالَ النَّاسُ : نَعَمْ ، فَإِنَّهُ أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ أَنَّهُ
وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ وَعَنْ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ ، أَلَا
إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّأْمِ أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ ، لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ
مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ، مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ، مَا هُوَ وَأَوْمَأَ
بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ " ، قَالَتْ : فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اهـ
فما بال هؤلاء الدجاجلة الصغار ينهون
عن طاعته عليه الصلاة و السلام ؟!!
يقول الله جل في علاه ( فَلْيَحْذَرِ
الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]
قال ابن أبي حاتم في " تفسيره
14938 ":
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ الصَّمَدِ ابن صُبَيْحٍ عَنِ
الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: إِنَّى لخائف على ما تَرَكَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ
أَنْ يَكُونَ دَاخِلا فِي هَذِهِ الآيَةِ (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ
أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمُ فِتْنَةٌ).
و قال يحيى بن سلام في " تفسيره
1/467 ":
" فَلْيَحْذَرُوا أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ، بَلِيَّةٌ. {أَوْ
يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] أَيْ: يَسْتَخْرِجُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ
مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يُظْهِرُوُه شِرْكًا فَيُصِيبُهُمْ بِذَلِكَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ،
الْقَتْلُ ".اهـ
فإذا كان هذا وعيد المخالف فكيف بالمحارب، نسأل الله السلامة و العافية.
يقول ابن أبي حاتم في " تفسيره
14758 ":
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
الطِّهْرَانِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، أَنْبَأَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ،
حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبًا يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ أَوْحَى إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ أَشْعِيَا،
أَنْ قُمْ فِي قَوْمِكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَإِنِّي مُطْلِقٌ لِسَانَكَ بِوَحْيٍ فَقَالَ:
" يَا سَمَاءُ اسْمَعِي وَيَا أَرْضُ أَنْصِتِي، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
يُرِيدُ أَنْ يَقُصَّ شَأْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِنَّ قَوْمَكَ يَسْأَلُونَ، عَنْ
غَيبِي الْكُهَّانَ وَالأَسْرَارِ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُحْدِثَ حَدَثًا أَنَا مُنْفِذُهُ،
فَلْيُخْبِرُونِي مَتَى هُوَ وَفِي أَيِّ زَمَانٍ يَكُونُ، أُرِيدُ أَنْ أُحَوِّلَ
الرِّيفَ إِلَى الْفَلاةِ، وَالآجَامَ فِي الْغِيطَانِ، وَالأَنْهَارَ فِي الصَّحَارِي
وَالنِّعْمَةَ فِي الْفُقَرَاءِ، وَالْمُلْكَ في الرعاة، وأبعث أَعْمَى مِنْ عُمْيَانٍ
أَبْعَثُهُ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا صَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، لَوْ يَمُرُّ
إِلَى جَنْبِ السِّرَاجِ لَمْ يُطْفِئْهُ مِنْ سَكِينَتِهِ، وَلَوْ يَمْشِي عَلَى الْقَصَبِ
الْيَابِسِ لَمْ يَسْمَعْ مَنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ، أَبْعَثُهُ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
لَا يَقُولُ الخَنَا أَفْتَحُ بِهِ أَعْيُنَا كُمّا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا أُسَدِّدُهُ
لِكُلِّ أَمْرٍ جَمِيلٍ، وَأَهَبُ لَهُ كُلَّ خُلُقٍ كَرِيمٍ، وَأَجْعَلُ السَّكِينَةَ
لِبَاسَهُ، وَالْبِرَّ شِعَارَهُ، وَالتَّقْوَى ضُمَيرَهُ، وَالْحِكْمَةَ مَنْطِقَهُ،
وَالصِّدْقَ وَالْوَفَاءَ طَبِيعَتَهُ، وَالْعَفْوَ وَالْمَعْرُوفَ خُلُقَهُ، وَالْحَقَّ
شَرِيعَتَهُ، وَالْعَدْلَ سِيرَتَهُ، وَالْهُدَى إِمَامَهُ وَالإِسْلامَ مِلَّتَهُ،
وَأَحْمَدُ اسْمَهُ، أَهْدِي بِهِ بَعْدَ الضَّلالَةِ، وَأُعَلِّمُ بِهِ بَعْدَ الْجَهَالَةِ،
وَأَرْفَعُ بِهِ بَعْدَ الخمالة، وأعرف به بعد الذكرة، وَأُكْثِرُ بِهِ بَعْدَ الْقِلَّةِ،
وَأُغْنِي بِهِ بَعْدَ العيلة وأجمع به بعد الفرقة وأولف بِهِ بَيْنَ أُمَمٍ مُتَفَرِّقَةٍ
وَقُلُوبٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَأَهْوَاءٍ مُتَشَتِّتَة، وَأَسْتَنْقِذُ بِهِ فِئَامًا مِنَ النَّاسِ عَظِيما مِنَ
الْهَلَكَةِ، وَأَجْعَلُ أُمَّتَهُ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، يَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، مُوَحِّدِينَ مُؤْمِنِينَ مُخْلِصِينَ،
مُصَدِّقِينَ بِمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلِي" . اهـ
هذا و صل اللهم على نبينا محمد و
على آله و صحبه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق