الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

بَابٌ فِي التَّوَاضُعِ

 الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد،




فإن المرأ يرى بعض صور العُجب وحسن الظن بالنفس والتطاول على الأخيار. في حين يرى سلف هذه الأمة المجمع على فضلهم وتقواهم كيف كانوا أشد مقتا لأنفسهم وهروبا من الناس وثنائهم، وإذا سئلوا قالوا ضاعة الأمة لما احتيج إلينا وغيرها من صور التواضع وهضم النفس ما يدعوا للتسائل عن السبب.



وهذا جزء - يسير جدا - تذاكرته أنا وأخي الفاضل عبد الله التميمي في فضل التواضع عسى الله أن ينفع به




يقول مسلم في " صحيحه ٤٦٨٩ ":
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ عَنْ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ ".



وخرج مسلم في صحيحه ٥١٠٩
من حديث عياض المجاشعي، وفيه :

"  وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَد ".



وقال أحمد في المسند ٢٩٢ :
حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَنْبَأَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا رَفَعَهُ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَنْ تَوَاضَعَ لِي هَكَذَا وَجَعَلَ يَزِيدُ بَاطِنَ كَفِّهِ إِلَى الْأَرْضِ وَأَدْنَاهَا إِلَى الْأَرْضِ رَفَعْتُهُ هَكَذَا وَجَعَلَ بَاطِنَ كَفِّهِ إِلَى السَّمَاءِ وَرَفَعَهَا نَحْوَ السَّمَاءِ.



وقال هناد بن السري في " الزهد 594 ":
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ ، عَنْ سُفْيَانَ ، قَالَ : قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : " أَرْبَعٌ هُنَّ عَجَبٌ لا يُحْفَظْنَ إِلا بِعَجَبٍ :
الصَّمْتُ هُوَ أَوَّلُ الْعِبَادَةِ ،
وَذِكْرُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ،
وَالتَّوَاضُعُ لِلَّهِ ،
وَقِلَّةُ الشَّيْءِ " .



وقال ابن أبي الدنيا في " التواضع و الخمول ٢٠٢ ":
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : " كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَخْطُبُنَا فَيَذْكُرُ بَدْءَ خَلْقِ الإِنْسَانِ حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَقْذِرُ، وَيَقُولُ : خَرَجَ مِنْ مَجْرَى الْبَوْلِ ، مَرَّتَيْنِ " .



وجاء في جزء سفيان بن عيينة - رواية يحيى المروزي 24 :
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ:
إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَ اللهُ حَكَمَتَهُ، وَقَالَ انْتَعِشْ رَفَعَكَ اللَّهُ فَهُوَ فِي نَفْسِهِ حَقِيرٌ، وَفِي أَعْيُنِ النَّاسِ كَبِيرٌ.وَإِذَا تَكَبَّرَ وَعَدَا طَوْرَهُ وَهَصَهُ اللهُ إِلَى الْأَرْضِ ، وَقَالَ اخْسَأْ أَخْسَأَكَ اللَّهُ، فَهُوَ فِي نَفْسِهِ كَبِيرٌ وَفِي أَعْيُنِ النَّاسِ حَقِيرٌ ، حَتَّى إِنَّهُ أَحْقَرُ فِي أَعْيُنِهِمْ مِنَ الْخِنْزِيرِ.
ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ لَا تُبَغِّضُوا اللَّهَ إِلَى عِبَادِهِ ، قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ ذَلِكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ؟
قَالَ: يَكُونُ أَحَدُكُمْ إِمَامًا فَيُطَوِّلُ عَلَى النَّاسِ فَيُبَغِّضُ إِلَيْهِمْ مَا هُمْ فِيهِ.
وَيَقْعُدُ قَاصًّا فَيُطَوِّلُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُبَغِّضَ إِلَيْهِمْ مَا هُمْ فِيهِ.
(( رواه أبو داود في الزهد من طريق سفيان [70]. و مَعمَر هو ابن أَبي حُيَيَّةَ. العلل [5586] ))



وقال عبد الله في زوائد مسند أحمد 703 :
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: قَدِمَ عَلِيٌّ، عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنَ الْخَوَارِجِ، فِيهِمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْجَعْدُ بْنُ بَعْجَةَ فَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللهَ يَا عَلِيُّ، فَإِنَّكَ مَيِّتٌ. فَقَالَ عَلِيٌّ: " بَلْ مَقْتُولٌ، ضَرْبَةٌ عَلَى هَذَا تَخْضِبُ هَذِهِ - يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ رَأْسِهِ - عَهْدٌ مَعْهُودٌ، وَقَضَاءٌ مَقْضِيٌّ، وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى "، وَعَاتَبَهُ فِي لِبَاسِهِ، فَقَالَ: " مَا لَكُمْ وَلِلِّبَاسِ هُوَ أَبْعَدُ مِنَ الْكِبْرِ، وَأَجْدَرُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِيَ الْمُسْلِمُ ".



وقال وكيع في الزهد٢١٦ :
حدثنا المسعودي ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي وائل ، قال : قال عبد الله : « من تواضع لله تخشعا ، رفعه الله يوم القيامة ، ومن تطاول تعظما ، وضعه الله يوم القيامة ». 



وقال ابن أبي شيبة في المصنف 35808 :
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: نَزَلْنَا الصِّفَاحَ فَإِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ نَائِمٍ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ قَدْ كَادَتِ الشَّمْسُ تَبْلُغُهُ، قَالَ: فَقُلْتُ لِلْغُلاَمِ: انْطَلِقْ بِهَذَا النِّطْعِ فَأَظِلَّهُ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ إذَا هُوَ سَلْمَانُ. قَالَ: فَأَتَيْته أُسَلِّمُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ: يَا جَرِيرُ، تَوَاضَعْ لِلَّهِ، فَإِنَّ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.


وقال ابن سعد في الطبقات 
أخبرنا يزيد بن هارون وروح بن عبادة قالا: أخبرنا عمران بن حدير عن أبي مجلز عن ابن عمر قال: أيها الناس إليكم عنّي، فإني قد كنت مع من هو أعلم مني، ولو علمت أني أبقى فيكم حتى تقتضوا إليّ لتعلمت لكم.



و قال ابن أبي شيبة في " مصنفه ٣٥٨٨٤ ":
حدثنا  وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : إنَّكُمْ لَتَدَعُونَ أَفْضَلَ الْعِبَادَةِ التَّوَاضُعَ .



وقال أحمد في الزهد 1621 :

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هِلاَلٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ قَالَ: ذَكَرُوا التَّوَاضُعَ عِنْدَ الْحَسَنِ وَهُوَ سَاكِتٌ حَتَّى إِذَا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ، قَالَ لَهُمْ: أَرَاكُمْ قَدْ أَكْثَرْتُمُ الْكَلاَمَ فِي التَّوَاضُعِ قَالُوا: أَيُّ شَيْءٍ التَّوَاضُعُ يَا أَبَا سَعِيدٍ؟ قَالَ: يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ فَلاَ يَلْقَى مُسْلِمًا إِلاَّ ظَنَّ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهُ.



وقال أبو نعيم في " الحلية " :
حَدَّثَنَا سليمان بن أحمد ، قَالَ : ثَنَا عباس الأسفاطي ، قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أيوب يَقُولُ : " إِنَّ قَوْمًا يَتَنَعَّمُونَ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَضَعَهُمْ ، وَإِنَّ أَقْوَامًا يَتَوَاضَعُونَ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَرْفَعَهُمْ ."




و قال الخطيب في " أخلاق الراوي و آداب السامع ٧٢٢ ":
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الْبَرْقَانِيِّ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَيُّوبَ الْمُخَرِّمِيَّ ، يَقُولُ : قَالَ شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ : " مَنْ طَلَبَ الرِّئَاسَةَ نَاطَحَتْهُ الْكِبَاشُ ، وَمَنْ رَضِيَ بِأَنْ يَكُونَ دنيًّا أَبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يَجْعَلَهُ رَأْسًا ". 


وقال ابن أبي الدنيا في التواضع 88 :  
حدثنا محمد بن علي حدثنا إبراهيم بن الأشعث قال: سألت الفضيل عن التواضع قال :
التواضع أن تخضع للحق وتنقاد له 
ولو سمعته من صبي قبلته منه 
ولو سمعته من أجهل الناس قبلته منه .




و قال أبو نعيم في " الحلية ٧/٢٩٥ ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، ثنا مَرْوَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، " وَقَالَ لِشَيْخٍ عِنْدَهُ  - أَوْ إِلَى جَانِبِهِ - : يَا شَيْخُ ، بَلَغَنِي أَنَّكَ تُفْتِي فِي بِلَادِكَ ، قَالَ: نَعَمْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، قَالَ: أَحْمَقُ وَاللهِ ".





و قال ابن أبي حاتم في " تفسيره ١٠٩١٥ " :
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) قَوْلُهُ: الْجُودِيِّ: جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ تَشَامَخَتِ الْجِبَالُ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْغَرَقِ وَتَطَاوَلَتْ، وَتَوَاضَعَ هُوَ لِلَّهِ فَلَمْ يَغْرَقْ وَأَرْسَتْ عَلَيْهِ سَفِينَةُ نُوحٍ.





و قال أبو نعيم في " الحلية ٣/١٢٤":
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: ثنا أَبُو هِلَالٍ [محمد بن سليم البصري] قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ قَالَ: قَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: 
" كُلُّ رَجُلٍ لَا يَعْرِفُ عَيْبَهُ فَهُوَ أَحْمَقُ، قَالُوا: يَا أَبَا وَاثِلَةَ، مَا عَيْبُكَ؟ قَالَ: كَثْرَةُ الْكَلَامِ ".
((نحن عندنا عيوب و ليس عيبا واحدا ))





و قال عبد الرزاق في " تفسيره 1196 ":
عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ} [هود: 23] ، قَالَ: «الْإِخْبَاتُ التَّخَشُّعُ ، وَالتَّوَاضُعُ».



وقال الإمام الآجري في فرض طلب العلم :
" ومن التواضع :
أن تكون إذا سمعت علماً لم يكن عندك
 فلا تدعي أنك قد كنتَ تعلمه
 فيزهد فيك من يُعلمك
ولكن تواضع له، وأخبره أنك لم تعلمه حتى علمتني أنت الساعة ".




فالعجب من هذا المخلوق خرج إلى الدنيا أحمقا من مجرى البول مرتين عاريا لا يدفع عنه أذى نملة كيف يتكبر بعد ذلك ويتعاظم في نفسه !



يقول ابن أبي الدنيا في " قصر الأمل 26 ":
حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ الْمَعْمَرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ أَحْمَقَ، لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَهِنْهُ الْعَيْشُ.



كلنا في ذات الله حمقى، و لكن كما قال مطرف رحمه الله " بعض الحمق أهون من بعض " [مصنف ابن أبي شيبة 32129]




اللهم عرفنا قدر أنفسنا وعلمنا ما جهلنا وأصلح أحوالنا يا ذا الجلال والإكرام.






هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق