الثلاثاء، 13 سبتمبر 2016

بَابٌ فِي التَّعْوِيذِ بِالقُرْآنِ يُعَلَّقُ عَلَى الإِنْسَانِ إِذَا نَزَلَ البَلاَءُ

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد،



قال الله تعالى ( وَنُنَزِلُّ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) [الإسراء 82]


فهو شفاء لما في القلوب إذا سمعه المؤمن انتفع به، و هو شفاء للأبدان أيضا. 



يقول عبد الله بن أحمد في " العلل ٥٤٩٤ ":
حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا يحَيْىَ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ فِرَاسٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَا بَأْس بِالتَّعْوِيذِ بِالْقُرْآنِ يُعَلَّقُ عَلَى الإِنْسَانِ.


و هذا محمول على نزول البلاء، و إلا لم يُعلق !

و الله يقول " وَنُنَزِلُّ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ " فذكر الشفاء يدل على وجود مرض سبقه


قال الكوسج في " مسائله لأحمد و إسحاق ":
[386] قُلْتُ: مَنْ يُعَلِّقُ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ؟
قَالَ: التَّعْلِيقُ كُلّهَا مَكْرُوه.
قَالَ إِسْحَاق: كَمَا قَالَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ وُقُوعِ البَلاَءِ . اهـ


فاستثنى الإمام إسحاق وقوع البلاء.

و الإمام أحمد فعله، و لعله كرهه سدا للذرائع و الله أعلم.

قال عبد الله في " مسائل أحمد 1622 ": 
" رَأَيْت أبي يكْتب التعاويذ للَّذي يقرع وللحمى لأهله وقراباته وَيكْتب للمراة إذا عسر عَلَيْهَا الْولادَة فِي جَام أوْ شَيْء لطيف وَيكْتب حَدِيث ابْن عَبَّاس إِلَّا أنه كَانَ يفعل ذَلِك عِنْد وُقُوع الْبلَاء وَلم أره يفعل هَذَا قبل وُقُوع الْبلَاء ".



و هذا مذهب جمع من السلف لا يرون به بأسا إذا نزل بلاء. و كان ابن مسعود شديد الكراهة


قال هناد في " الزهد 441 ":
حَدَّثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ طَلْحَة بنَ أَبِي سَعِيد ، عَنْ بُكَيْر بن الأَشَجِّ ، عَنِ القَاسِمِ ، عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : " إِنَّمَا التَّمَائِمُ مَا عُلِّقَ قَبْلَ البَلاَءِ، فَمَا عُلِّقَ بَعْدَ البَلاَءِ فَلَيْسَ مِنَ التَّمَائِمِ.


و هذا صحيح عن عائشة رضي الله عنها، و هو من باب التداوي كما أن الدواء لا يؤخذ إلا بعد نزول الداء. و قد نصت - رضوان الله عليها - أنه إذا علق بعد البلاء فليس من التمائم.

فإذا لم يكن هناك بلاء، فلا يعلق شيء، لا من القرآن و لا من غير القرآن.




و قال أبو عبيد القاسم بن سلام في " فضائل القرآن 1/384 ":
حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ الرَّجُلِ يُعَلِّقُ الشَّيْءَ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ كُلَّهُ هَذَا النَّحْوَ، فَقَالَ: مَا سَمِعْنَا بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قِبَلِكُمْ مَعَاشِرَ أَهْلِ الْعِرَاقِ.
حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَخَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّهُمَا لَمْ يَرَيَا بِذَلِكَ بَأْسًا.
حَدَّثَنَا عَفِيفُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ».



و قال البيهقي في " السنن الكبرى 19611 ": 
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ [محمد بن يعقوب الأصم]، ثنا هَارُونُ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الْحَجَّاجِ ، عَنْ فُضَيْلٍ [الفقيمي] ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ كَانَ يَكْتُبُ لِابْنِهِ الْمُعَاذَةَ. قَالَ: وَسَأَلْتُ عَطَاءً فَقَالَ: مَا كُنَّا نَكْرَهُهَا إِلَّا شَيْئًا جَاءَنَا مِنْ قِبَلِكُمْ.



و قال ابن أبي شيبة في " مصنفه 23543 ":
حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي عِصْمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنِ التَّعْوِيذِ، فَقَالَ: « لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ فِي أَدِيمٍ ».

أديم يعني جلد مدبوغ.


و يكره تعليق شيء من القرآن عند الغائط و عند الغسل.


يقول ابن أبي شيبة في " المصنف ط/عوامة 23888 ":
حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ ، عَنِ ابْنِ مُبَارَكٍ ، عَنْ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، عَنْ كَعْبٍ ، قَالَ : 
" إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: أَنَا الَّذِي أُصِحُّ وَأُدَاوِي ".

و قال ابن معين في " حديثه 132 " [رواية المروزي] :
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ ، قَالَ : قَالَ كَعْبٌ : 

" قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِنِّي أَنَا أَشُجُّ ، وَأَنَا أُدَاوِي ، فَتَدَاوَوْا " .


و اقرؤا إن شئتم قوله تعالى ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) [الشعراء]





و التعويذ بكلام الله فيه الرد على الجهمية القائلين بخلق القرآن، فكيف يجوز أن يُتعوذ بمخلوق لو كانوا يعقلون؟! 

فانظر كيف نادوا على أنفسهم بالشرك من حيث لا يشعرون.



هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق